الطيب، والشرس ،والقبيح..
يعتبر فيلم الطيب والشرس والقبيح ( The Good, the Bad and the Ugl، والذي أصدر في العام 1966م، من أشهر( أفلام الوسترن(الغرب الأمريكي) على الإطلاق، ويعتبر حسب تصنيف النقاد من أحد كلاسيكيات السينما الخالدة وأكثرها شعبية ،حيث ضمنته مجلة تايم الأمريكية ضمن قائمتها لأعظم مائة فيلم في القرن الماضي.
هذا..رغم أن الفيلم يعتبر من صنف أفلام (سباغيتي وسترن)، والسباغيتي ويسترن هي أفلام من إنتاج إيطالي أو أوروبي عموما ولكن تتناول الحياة في الغرب الأميركي.
الفيلم من إخراج المخرج المبدع (سيرجيو ليوني)، ومن بطولة الممثل والمخرج الأمريكي الشهير( كلينت إستوود) ، وكذلك الممثلان( لي فان كليف وإيلاي والاك).
ويعتبر الفيلم كتكملة لسلسلة أفلام لنفس المخرج تلقب بثلاثية الدولارات وهي (من أجل حفنة من الدولارات) و(من أجل مزيد من الدولارات).
تحتوي قصة الفيلم على دراما عالية..تدور حول ثلاثة رجال يتنافسون خلال الحرب الأهلية الأمريكية للعثور على ثروة مدفونة من ذهب الحكومة الكونفدرالية، وسط فوضى عنيفة من الاشتباكات المسلحة والشنق والمعارك ومعسكرات الاعتقال.
تزين خلفيتة موسيقى رائعة صارت أيقونة كالفيلم نفسه، وهي من تأليف الموسيقار الإيطالي العظيم (إنيو موريكوني).
ويحتل الفيلم حاليا المرتبة التاسعة في قائمة أفضل 250 فيلم .
وصف الفيلم أيضا بأنه أفضل عمل قدمته السينما الأوروبية لفئة أفلام الغرب الأمريكي، وقد قال عنه مخرج أفلام الإثارة والغرب الأمريكي القدير (كوينتن تارانتينو) أنه يمثل أفضل إخراج لأي فيلم على مر التاريخ!!
المهم.
راق لي أن أستعرض معكم نبذة عن هذا الفيلم الرائع ..على خلفية ما يدور في الساحة السياسية السودانية الآن والراهن الوطني الثوري.
ويمكنكم بعدها ممارسة لعبة التخمين واختيار الشخصيات أو الكيانات السياسية والعسكرية الملائمة لأداور وأحداث الفيلم.
هذا طبعا بعد أن تستعيدوا مشاهدته، أما من لم يشاهده يمكنه إيجاده على الشبكة الرقمية العالمية ولن يندم، فهو من الأفلام القليلة التي يمكن مشاهدتها أكثر من مرة .
مصر ما قبل الثورة :
كنت قد تابعت الثورة المصرية وبقية ما عرف بثورات الربيع العربي عن كثب في البداية كأي متابع للشأن السياسي وعامل من أجل التغيير الديمقراطي ..
ثم لاحقا صارت المتابعة أكاديمية بحتة بغرض كتابة ورقة بحثية عن : الإعلام الجديد والثورة الرقمية في وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في صناعة التغيير السياسي والاجتماعي .
فدعوني أعطيكم بضع لمحات عن بداية الحراك السياسي في مصر والذي تحول لاحقا إلى ثورة 25 يناير العظيمة ..
ومن ثم أستعرض معكم بعض مآلاتها .
وغرضي من ذلك هو التأمل في تلك الأحداث وربما الاستفادة منها في واقعنا الراهن عبر المقاربة والمقارنة .
كنت قد رصدت قبل العمل في بحثي الأكاديمي هذا عن الثورة المصرية وثورات الربيع الأخرى، حراكا سياسيا كان قد بدأ في مصر قبل الثورة بسنوات. فلم تتفجر ثورة يناير المصرية فجأة كما قد يظن البعض ..ولكن بالطبع قد سبقتها نضالات وحراكات للقوى الحية حتى تبلورت في إضراب عمال شركة غزل مدينة المحلة الكبرى في السادس من أبريل 2008 ،ثم تحول هذا الإضراب المطلبي فجأة إلى إضراب عام في مصر بعد تبنيه من قبل مجموعة المدونون الشباب والنشطاء من رواد موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي!!
وعرف هؤلاء الشباب لاحقا بحركة 6 أبريل، ومعهم حركة كفاية المصرية الشهيرة التي ضمت بعض نشطاء التنظيمات المعارضة وكذلك حركة شباب العدل والمساواة المصرية .
والجدير بالذكر إنه قد حاولت بعض أحزاب المعارضة المصرية تنظيم إضراب مماثل في نفس العام ولكنه لم يكن بمستوى إضراب شباب الوسائط الذي نجح ناجحا كبيرا .
وقد كان جهاز أمن الدولة المصري والنظام المصري وأحزاب المعارضة حينها يبحثون عن إجابة لهذا السؤال :
من نظم إضراب 6 أبريل ؟!
ولم يكونوا يتوقعون أبدا ان يخرج هذا الإضراب من قلب ذلك المجتمع الإفتراضى على النت (فيس بوك)، فهذا الموقع الذى كان الهدف من إنشائه التواصل الاجتماعى وتبادل الصور والأخبار والتعارف، قد استخدم من قبل النشطاء في تنظيم الإضرابات وتحديد مواعيد وأماكن التظاهر ومناقشة طرق التعبير عن الرفض للنظام الحاكم.
فقد قام الشباب باستخدام الوسيلة التي كانت في يدهم وهي إتصال الإنترنت والكومبيوتر الذي وفره لهم حسني مبارك في مشروعه الذي سماه (كومبيوتر لكل بيت).
الأمر الذي وفر لشباب الطبقة الوسطى جيدة التعليم تطورا في الإهتمامات والأفق وتفاعلا مع العالم، مكنهم من استخدام هذه الوسيلة بذكاء لصنع حراك في الشارع .
فأسسوا مجموعة على فيسبوك تحمل إسم (6 أبريل إضراب عام لشعب مصر)، ليجتذب القروب عشرات الآلاف من أعضاء فيسبوك ..وكتبوا بيانا للقروب يصاحبه ( لوقو ) يدعو للإضراب ، وأرسلوا ملايين الإيميلات تدعو المصريين للبقاء فى بيوتهم يوم 6 أبريل تضامنا مع موعد الإضراب الذى حدده ( عمال غزل المحلة ).
وكان فيسبوك حينها ما يمكن أن يعتبر ( غرفة عمليات الاضراب ).. التى قامت بمتابعة الاضراب يوم حدوثه والقيام بدور الموقع الأخباري لأخبار الإضراب فى القاهرة والمحلة وغيرها من المدن..ثم الاحتفال بنجاح الاضراب.
وثم توالت الإضرابات المتفاوتة في النجاح إلى حين الوصول لذروة هبة يناير 2011م. حيث إكتمل نضج الثورة واكتملت أشراطها.. ودقت طبول استحقاق التغيير السياسي.
خاصة أن الإحتقان السياسي في مصر كان قد بلغ مداه بعد أكثر من ربع قرن من حكم مبارك ونظامه.
وكنت قد تابعت بدايات تبلور هذا الإحتقان وكتبت عنه بوستا في موقع (سودان فور أول) بعنوان:
(الحراك السياسي في مصر طرقات على جدار الفرعون)
بتاريخ 9 سبتمبر 2006م
فقد لاحظت أن الحراك السياسي المحموم الذي كان قد تصاعدت وتيرته بعد غزو العراق مباشرة عام 2003م قد وصل إلي مداه . فبعد سنوات طويلة من الخمود والخنوع المريرين ..انتهج الناشطون السياسيون والحقوقيون المصريون نهج المقاومة والتحدى والجهر بالرفض لسياسات الفرعون وجنوده ودولته البوليسية، خاصة محاولات توريث مبارك الحكم لإبنه التى أثارت جنون الرفض لدى الشعب المصري وصاروا يسخرون منها فى كل ركن.
وكان هذا يعنى دخول لاعبين جدد إلى الساحة ..غير الجماعات الراديكالية المألوفة التي كانت أعلى صوتا.
فالمعروف أن الجماعات الإسلامية التى تنتهج النهج الديني المتطرف كانت هى من حاز قصب السبق فى تحدى نظام مبارك ، وبصورة عنيفة وسافرة، فكان نتيجة ذلك أن جوبهت بترسانة الدولة البوليسية والعسكرية بكل عنفها وبطشها، وإمتلات السجون بكل من يشتبه مجرد إشتباه إنه ينتمى لهذه الجماعات ، ونتيجة لذلك صارت الأراضى المصرية أشبه بثكنة عسكرية ، وفرضت الرقابة على المواطنين ، وتفشت الاعتقلات الجزافية ، وصارت أقسام الشرطة بؤر للبطش بالمواطنين وتعذيبهم ، واستمر فرض قانون الطوارئ دون توقع نهاية له.
الأمر الذي أدى لظروف موضوعية أفضت إلى بروز حركة كفاية فى الشارع المصري عام 2004م. وقد أدى انتشار كفاية (الحركة المصرية من أجل التغيير) لظهور حركات نوعية وفئوية خاصة مثل (صحفيون من أجل التغيير)،( عمال من أجل التغيير)، (صحفيون من أجل التغيير)،( طلاب من أجل التغيير)..
ثم انتشرت المطالب المهنية والحقوقية في ربوع مصر، فخرج من عباءة حركة كفاية عدد من الكوادر والأفكار التي استفادت منها حركات سياسية في نشاطات موازية مثل حركة المحاميين ، وحركة الصحفيين ، ثم حركة القضاة.
ويمكن تلخيص الملامح العامة لحكم مبارك فى الآتى :
* سيطرة الحزب الوطني على مفاصل الدولة .
* فرض قانون الطوارئ المطبق منذ تولي مبارك للسلطة.
* الاستفتاء الرئاسى بعد كل دورة رئاسية جديدة للتمديد لحكم مبارك.
* تزوير الانتخابات البرلمانية والرئاسية خاصة بعد التعديل الشهير للمادة 76 من الدستور، والذي أثار جدلا واسعا .
ثورة 25 يناير المصرية المجيدة.. أو ثورة ثوار اللوتس:
وشعارها الشهير : عيش، حرية ،عدالة إجتماعية
مع تأزم الأوضاع المعيشية والاقتصادية والكبت السياسي والقمع البوليسي الذي تفاقم.. خاصة في الحادثة الشهيرة لتعذيب وقتل الشاب (خالد سعيد) في مدينة الإسكندرية..والتي قد تشابه حادثة مقتل المعلم( أحمد الخير ) في مدينة خشم القربة السودانية، وكذلك المؤشرات التي كانت تمهد لإمكانية توريث الحكم لجمال مبارك نجل الرئيس.
قام مجموعة من الشباب بإنشاء مجموعة( كلنا خالد سعيد)على فيسبوك ، ثم دعت مجموعات من الشباب الغاضب على مواقع التواصل خاصة فيسبوك وتويتر وبالتنسيق مع بعض كتاب المدونات الشهيرة وكذلك حركة 6 أبريل وحركة كفاية إلى تحدي قمع الشرطة المصرية وذلك عبر إختيار يوم عيد الشرطة الموافق ليوم 25 يناير يوما للتظاهرة الكبرى.
والجدير بالذكر أن جماعة الإخوان لم تشارك فيها .. سوى من بعض شباب الإخوان المسلمين المتحمسين ..برغم التصريحات الأولية التي أشارت إلى (أن الجماعة لن تشارك كقوة سياسية أو هيئة سياسية لأن المشاركة تحتاج إلى تخطيط واتفاق بين كافة القوى السياسية قبل النزول إلى الشارع)..
كانت الجماعة الإخوانية قد حذرت من أن الوضع لو إستمر بما هو عليه فمن المرجح أن تحدث إنتفاضة شعبية، ولكنها على حد تعبيرهم (ليست من صنعنا).
وقد كان مبارك يستخدم الإخوان والجماعات الدينية المتطرفة ك(فزاعة) ضد الغرب لدعم نظامه كما نعلم ، كما كان يستخدمهم داخليا ك(فزاعة) ضد معارضيه من دعاة الدولة المدنية والديمقراطية، وفي مقابل ذلك كان يسمح لهم بالفوز بعدة مقاعد في البرلمان كي يوحي للغرب بديمقراطيته، فمثلا في برلمان 2005م حصل الإخوان المسلمين على ثمانين مقعدا .
وكنتيجة لذلك حصل منهم على تأييد بتوريث إبنه جمال ليخلفه.
وكذلك لم يجد مشروع التوريث هذا ممانعة من بعض دول الغرب التي تدعم إسرائيل ومصالحها في المنطقة.
فقد كان مبارك يروج أن نظامه هو الضامن لإستقرار المنطقة .
وقبل ثورة يناير كان للإخوان وجود كبير في البرلمان ..وعلاقات طيبة مع أمريكا..
كما أن هنالك تصريح شهير لمرشد الإخوان السابق مهدي عاكف في حوار صحفي بأن الجماعة لا تمانع تولي مبارك لفترة رئاسية جديدة !!
(وبعد اندلاع ثورة يناير، كانت جماعة الإخوان المسلمين هي التنظيم السياسي المصري الوحيد الذي تفاوض مع اللواء عمر سليمان رجل المخابرات الشهير ..حول كيفية نزع فتيل الثورة وفض اعتصام ميدان التحرير ).
المصدر: صحيفة الدستور.
بدأ الحراك بحركات شبابية مدنية مثل حركة شباب 6 ابريل،وحركة شباب من أجل العدالة والحرية، والحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية)،والجمعية الوطنية للتغيير، والحركة الشعبية الديمقراطية للتغيير.
حددوا موعدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتظاهر والاحتجاج ضد ممارسات العنف والعسف البوليسي، وذلك أمام وزارة الداخلية في يوم 25 يناير، الذي يوافق الاحتفال الرسمي السنوي بعيد الشرطة، وذلك كي يعبروا عن رفضهم لنظام مبارك البوليسي المبني على ديكتاتورية (دولة الأمن المركزي).
وقد كانت المفاجأة غير المتوقعة ..سواء بالنسبة للحكومة أو للمعارضة نفسها.
أن نجاح الحشد قد فاق كل التوقعات ..وتضاعف أعداد المتظاهرين في كل ساعة حتى إنسدت الشوارع والكباري.
كانت الهتافات مطلبية في البداية(عيش، حرية،عدالة إجتماعية) ، ولكن كلما زاد القمع الوحشي كلما إرتفع سقف المطالب، حتى وصل الأمر إلى تبني هتاف الثورة التونسية الشهير(الشعب يريد إسقاط النظام).. و(يسقط يسقط حسني مبارك) و(إرحل)..
ثم سقط رأس النظام كما نعرف في يوم 11 فبراير 2011م ، بعد أن أجبرت الحشود الثائرة مبارك على التنازل لنائبه ورجل مخابراته عمر سليمان..والذي هتف الشعب ضده أيضا فتنحى.
ثم كان يوم 28 يناير 2011م هو اليوم الذي نزلت فيه جماعة الإخوان إلى ميدان التحرير، وبالتحديد في يوم (جمعة الغضب) الشهيرة، والتى كانت بمثابة انطلاق شرارة التخريب والتدمير ،في ثورة كانت سلمية منذ بدايتها، ولكن سرعان ماتحولت إلى هجوم إنتقامي على أقسام الشرطة في العاصمة والمحافظات وعلى بعض المؤسسات والدور الحكومية.
الإخوان وتجيير الأحداث لمصلحتهم:
عكست تلك المذكرة التي نشرتها جماعة الإخوان على مواقعها الإعلامية في بداية الثورة، تناقضات الجماعة التي رفضت المشاركة في ثورة 25 يناير إبان اندلاعها، ثم عادت للعدول عن موقفها، عندما رأت المكاسب السياسية التي تحققها الائتلافات الشبابية والأحزاب المشاركة في الثورة.
وما يؤكد ذلك تلك المذكرة التي تقدم بها شباب الإخوان في اللجنة الإعلامية بقسم الطلاب للمشاركة في الثورة، بعد أن طلبوا من الدكتور محمود أبو زيد، عضو مكتب الإرشاد النزول في يوم 25 يناير، فكان رد الجماعة حاسم برفض المشاركة.
ركوب موجة 25 يناير رغم الرغبة في عقد الصفقات..نهج اتبعته الجماعة في مواقفها المتناقضة حول المشاركة أو العدول عن دعم ثورة 25 يناير، وهو ما أكده موقف محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، الذي رفض النزول للمشاركة في مظاهرات 25 يناير. وعندما وجدت جماعة الإخوان أن الأحزاب السياسية ستنزل يوم 28 يونيو الميدان، عدلت عن الرفض وأكدت أنها ستكتفي بالتظاهر دون المشاركة أو الاعتصام، وكذلك صدر قرار من مكتب الإرشاد بانسحاب الجماعة من ميدان التحرير يوم موقعة الجمل 2 فبراير ..رغم ضغط شبابها لعدم الانسحاب.. !!
أحداث شارع محمد محمود، من 19 نوفمبر إلى 25 نوفمبر :
دعا الثوار إلى تظاهرة مليونية لمطالبة المجلس العسكري بتسليم الحكم إلى مجلس رئاسي مدني يضم بعضا من ثوار التحرير .
فتمت مهاجمتهم من قبل الشرطة والأمن بعنف مفرط تسبب في قتل العشرات وجرح الآلاف، وكان هدف المجلس العسكري إخلاء الميدان وفض الاعتصام.
وكانت معركة شوارع عنيفة جدا بين الثوار والقوات النظامية لم تهدا إلا بعد ستة أيام هتف فيها الثوار بهتافات:
(يسقط يسقط حكم العسكر) و(مدنية مدنية لا دينية ولا عسكرية).
ثم توافد الآلاف في اليوم السادس على ميدان التحرير استجابة لنداء (جمعة الفرصة الأخيرة)، التي طالبوا فيها المجلس العسكري بحكومة إنقاذ وطني تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية لإدارة المرحلة الإنتقالية حتى موعد انتخابات البرلمان والرئاسة الذين يجب تحديد موعدها في أسرع وقت.
والجدير بالذكر أن معظم القوى السياسية استجابت للدعوة وشاركت الثوار في هذه التظاهرة، ما عدا جماعة (الإخوان المسلمين).. مما أدى إلى سخط الثوار ضدهم وكذلك ضد خيانتهم لهم في معركة شارع محمد محمود ..
وعلى الجانب الآخر ، إحتشد الموالون للمجلس العسكري في ميدان العباسية، والذين كانوا يناشدون المجلس العسكري بالبقاء في السلطة حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في العام القادم ..
الإنتخابات ومشاركة الإخوان فيها رغم وعدهم للثوار بعدم خوضها وأن ليست نيتهم الحكم :
هذه الإنتخابات التي فاز فيها محمد مرسي العياط مرشح الإخوان بنسبة 51,73% في 24 يونيو 2012م.
وقد حصلت صحيفة الوطن المصرية على تفاصيل تفاهمات بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، ووساطة الدكتور محمد البرادعي وكيل حزب الدستور، وتأكيد الصحف الأجنبية لهذه التفاهمات التى سبقت إعلان فوز الدكتور محمد مرسى بالرئاسة. وكشف ثروت الخرباوي القيادى الإخوانى السابق وصاحب كتاب(سر المعبد)، أن الساعات الأخيرة قبل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة بفوز مرسى، شهدت تفاهمات بين الجماعة والمجلس العسكرى من جهة، وبين الإخوان والإدارة الأمريكية من جهة أخرى، فيما نفت جماعة الإخوان ذلك. وقال لصحيفة الوطن : (لدينا معلومات أن هناك تفاهمات حدثت بين الإخوان والمجلس العسكرى برعاية أمريكية، عبر وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، وكانت تتضمن بعض الوعود حال فوز مرسى وبعض الوعيد حال عدم فوزه). وأضاف: (سبق هذه التفاهمات إدراك المجلس العسكري خطورة الضغوط الأمريكية، فأصدر الإعلان الدستورى المكمل وحل البرلمان من أجل تقليص سلطات الرئيس وضمان سلطة التشريع فى يديه ليحافظ على وضع قياداته القانونى، ومنع البرلمان من إصدار أى تشريعات بقوانين تخصه).وأفاد بأن (كلينتون أجرت خلال الأيام الماضية اتصالات مع مسؤولين فى المجلس العسكري من أجل أن تكون النتيجة لصالح مرسى مشيرة إلى أن (مرشح الإخوان) بالفعل حاصل على أعلى الأصوات، لكن كان يمكن أن تقبل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية التى اعتبرها الخرباوي تابعة للمجلس العسكرى، بعض الطعون الخاصة بالفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر، فتتغير النتيجة. وفجر الخرباوى مفاجأة، حول أن اللقاءات التى كانت تعقد بين مسئولين أمريكان وعلى رأسهم وليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية الأمريكية وجون كيرى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ، والمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد ومرسي خلال الشهور الماضية، تضمنت مخططاً أمريكياً لوصول الإخوان إلى الحكم مقابل حصول أمريكا على تطمينات تخص الولايات المتحدة وإسرائيل. وأكد أنه خلال هذه اللقاءات سأل جون كيرى الإخوان حول ما إذا كانوا يرغبون فى ترشيح أحد منهم للرئاسة، فردت الجماعة بأنها لم تحسم الأمر بعد، رغم أنه كان معروفا وقتها أن قرار الجماعة هو عدم ترشيح أحد منها للرئاسة، لذلك رشحوا خيرت الشاطر فى البداية ثم تقدموا بمرسي . وأوضح أن هذه اللقاءات حصلت فيها الولايات المتحدة على تطمينات من الجماعة حال صعودها إلى الحكم حول مصالح أمريكا وإسرائيل فى المنطقة)، لكن قياديين فى الإخوان نفوا ذلك تماما. إلا أن الخارجية الأمريكية أصدرت بيانا رسميا كشفت فيه بعض تفاصيل التطمينات التى حصلت عليها من الإخوان. كان الشاطر قد اعترف بعقد لقاء بينه وبين المجلس العسكري لمناقشة حل البرلمان، وقالت مصادر، إنه اتفق معهم على نجاح مرسي مقابل ترك اختيار الوزارات السيادية للعسكر.
المصدر: صحيفة الوطن المصرية.
وهكذا فاز الإخوان في مصر بأصوات البسطاء وكذلك أصوات الثوار والمعارضين الليبراليين واليساريين وبعض نخب المجتمع التي تلقب نفسها (بحزب الكنبة )..على أمل إستقرار الأوضاع في البلاد ولدعم التحول الديمقراطي، هذا بالرغم أن العديد من الثوار صرحوا بأنهم ( عصروا على نفسهم لمونة) وصوتوا لمرسي كي لا يفوز أحمد شفيق أحد رجالات مبارك ومن حزبه الوطني .
وهكذا.. قام بالثورة ونظم وخطط لها ثوار شباب لا منتمي ، ولكن عجزت القوى الثورية الحزبية المنظمة من ليبراليين ويساريين وناصريين وعموم العلمانيين ودعاة الدولة المدنية..في أن تساهم في تنظيم الشباب رافضي الحكم العسكري وكذلك الديني..وأن تنتظم هي نفسها في تحالف مدني يقدم مرشحا يتفقون عليه ويدعمونه.
فلقد كثرت الخلافات والاتهامات بينهم.
وتم تشويه صورة المرشحين الأبرز مثل أيمن نور الذي أخرج من الساحة مبكرا..وكذلك لم تتوحد قوى الثورة حول المرشح الذي كان أكثر حظا حمدين صباحي ..الأمر الذي جعل حظوظ الفوز محصورة فيما بين رجال مبارك ومرشحي الإخوان..
ففاز الإخوان أخيرا بحكم مصر..
ولكن ماذا فعلوا ؟
هل حققوا للشعب أهداف الثورة من عيش وحرية وعدالة إجتماعية ؟!
لا..
فقد عملوا منذ البداية على ممارسة أسلوب (التمكين)، ووضع ذوي الولاء في المناصب.
كما سارعوا باستخدام إعلامهم وإعلام الدولة في شن حرب على المعارضة وإعلامها والسخرية من رموزها بل وتخوينهم، الأمر الذي إنطلى على رجل الشارع البسيط .
ويقال أنهم تلقوا نصيحة من حكومتنا(الإنقاذ) بالمسارعة في نهج التمكين وفرض الآيدلوجيا الإسلاموية على الدولة.
وبالتالي خان الإخوان الثوار وانهمكوا في تثبيت آيدلوجيتهم وصبغ الدولة والمجتمع بصبغتهم ..وبل بفتح البلاد للجماعات الدينية المتطرفة والإجتماع بها في ستاد القاهرة الرئيسي.
وفي نفس الوقت لم يبدوا إكتراثا جديا بالمطالب التي ثار الشعب من أجلها وقدم في سبيلها الشهداء والجرحى ، بل وصرحوا بأنهم طالما فازوا ديمقراطيا فمن حقهم أن يستعينوا بكوادرهم لتطبيق نهجهم الإصلاحي للدولة دون الاستعانة بأصحاب الخبرات والكفاءت خارج تنظيمهم..!!
وبدأ الرئيس محمد مرسي العياط.. الخاضع لإرشادات مرشد الإخوان العام كتابع مطيع..يتصرف بنزعة ديكتاتورية من خلال تحصين قراراته من سلطة القضاء والخروج بدستور صاغه نواب من الإخوان وحلفائهم من نواب إسلاميين آخرين غيرهم.
وصاروا يعزون كل فشل في تطبيق سياسات إسعاف اقتصادي لأذرع الدولة العميقة والفلول .
الأمر الذي جعل الشعب يستنجد بالجيش، ويعلن عن إنطلاق ما يسمى بالموجة الثانية للثورة.
ولذلك لم يكن الدكتور محمد مرسي قد أكمل عامه الأول كأول رئيس مدني منتخب..عندما ظهرت على وجه الحدث حركة سمت نفسها (تمرد)، التي أطلقت في 26 أبريل 2013م من ميدان التحرير بالقاهرة حملة شعبية لجمع تواقيع مليونية بغرض سحب الثقة من الرئيس مرسي، مستفيدة من السخط الشعبي العارم على تردي الأحوال المعيشية.. وكذلك لفقد غالبية الشعب لثقتهم في حكم الإخوان بل وفي الإسلام السياسي بشكل عام.
فخرج الملايين إلى ميدان التحرير في 30 يونيو يهتفون:
(يسقط يسقط حكم المرشد) و(الجيش والشعب إيد واحدة).
وكلنا نعرف ما حدث بعد ذلك .
ولا يزال يراود خاطري صوت تلك الثائرة بعد تنحي مبارك.. والتي كانت تهتف بأمل وتوق جارف إلى الحرية:
(مدنية مدنية..لا دينية ولا عسكرية).
وفي خلفية خاطرتي هذه..بالتزامن مع هتاف الثائرة النبيلة ..ترتفع عقيرة المطرب (الإماراتي) حسين الجسمي صادحا بأغنية (بشرة خير)..
ثم، يتدفق دعم دول المحاور...
آمنة أحمد مختار أيرا
3 Jun 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق