الصفحات

الخميس، 22 نوفمبر 2018

رسومات وشخبطات من مفكرة الطفولة











صالة فى الجنة

صالة فى الجنة

الناي الشادي يعربد بي
ترقصني أنغامه واسكر
*
وأراقص ذات الخدين الوردية..
تترنح بي ..تتمايل طربا
ذات الشفتين المعطونة سكر

تترنح بي ..تتمايل طربا
ترش الدنيا بالياسمين وبالعنبر
وأهز على شجر الجنة يسقط لي
زهرات السندس والياقوت والمرمر

وتداعب صدري حلمات اللؤلؤ
خلف الأسوار وبالبللور تدثر

وتميس المهر على وهن
تمزق قلبي ..وهناك دموع تتطفر
وتلامس أطرافي العطشى يديها
أنكمش حينا ..وحينا أتعثر
*
وتفاجئني أجراس الساعة
إيذانا بأن الوقت تأخر

فأرد إلى أهلي مخبولا
من ما فى الجنة من منظر

وأبيت على حالى هيمانا
أبكي ما قد فات .. وأتحسر

*
أحمد مختار أيرا
( ذات ليلة رأس سنة )

##########

ربما

سألونى ماذا أقول :
هل هو شعر ؟
قلت : لما تسألوني ؟
فأنا أعجمي لا أعرف قافا ..
ولا أكتب ألفا
إتركوني وحالي..
فلست بن الملوح..
ولم أك طرفة

*
فللشعر رواد وأساطين
ليسوا كمثلى ..
فبينهم وبين القريض
أواصر وإلفة

رباه !!
أتراني قلت لهم
شعرا مقفى ؟!

أحمد مختار أيرا

الخميس، 15 نوفمبر 2018

أصاب د. الباقر العفيف.. ولكنه أخطأ من حيث أصاب



كتب د. الباقر العفيف مقالا جميلا بأسلوب متندر ورشيق كعادته ، يمهد فيه لمعرفة الذات عبر الكشوفات العلمية الجينية الحديثة ، وما أتاحه لنا علم الجينات من تسهيل سبل معرفة الخارطة الجينية للإنسان وبالتالي الأصول التي ينحدر منها .
ويأتي هذا الأمر في سياق ظاهرة بدأت تنتشر حول الأوساط السودانية في الداخل والخارج من المهتمين بالتاريخ والأنثربولوجي.. وكذلك الهواه.
وهي ظاهرة محمودة بالطبع.. تصب في ذات المسعى الإنساني الخالد الذي يجعلنا نتحرق شغفا لمعرفة أصولنا التائهة القديمة ومعرفة أسلافنا الحقيقيين في خضم صراعات وجدل الهوية المحتدم ، وفي وقت تنبه فيه الكثيرون وعلموا حقيقة الظروف التاريخية التي صنعت فيها معظم أشجار النسب المزعومة .
ويأتي مقاله هذا كنوع من الرد على ما يبدو على الذين سخروا من مقاله القديم المعبر عن حالنا كأمة تائهة عن أصولها أصدق تعبير ، والمعنون ب(متاهة قوم سود ذوو ثقافة بيضاء) ..
وقد عنون مقاله القنبلة الجديد بعنوان جذاب متفكه وساخر :
( وأخيرا قطعت جُهَيَزَة قول كل خطيب )
( وداعا جَدِّي المنتحل (العبّاس) )
وأهم مافي هذا المقال القنبلة ، هو نتيجة الفحص الجيني للكاتب نفسه . فإلي جزء من المقال :
( فماذا كانت نتيجة فحص الحمض النووي؟ تهيأوا أيها القريشاب والشارباب لخبر جهيزة الخواجية، وأصيخوا السمع:
أنتم أحباش كوشيون نوبيون شرق أفريقيون ولستم عربا أيها الجعلتية.. 
فماذا أنتم قائلون؟
أتصوركم تقولون :" بالله قوم كده بلا جينوم بلا كلام فارغ! حرَّم عباسيين ولو كره "الكافرون" بأشجار الأنساب... عباسيون غصبا عنك وعن علوم الخواجات "الكضابة". أليس كذلك؟
الآن دعونا نفحص النتيجة:
إن نسبة جيناتي المنتمية لأفريقيا جنوب الصحراء هي ٩٧.٩ ٪ وهذه منها ٩٦.٨٪ تنتمي لشرق أفريقيا. وبالطبع نعرف أن هناك تداخل كبير بين ممالك النوبة القديمة مثل كوش ومروي وممالك الحبشة القديمة مثل بنط وأكسوم. فنحن في الحقيقة شعب واحد من الناحية الجينية ولكن تعددت لغاتنا وأدياننا. أما بقية الجينات المتبقية العالقة بشجرتي النوبية فتبلغ ٢.١٪. وهذه متوزعة بين ثمانية أقسام تفصيلها كالآتي:
جينات تنتمي لغرب أفريقيا نسبتها ٢.٪ (أي صفر فاصل إثنين في المائة). وجينات تنتمي للمجموعات الأفريقية التي تعتمد على الصيد والجمع (زي الأقزام Pygmies) بنسبة ١.٪ (أي صفر فاصل  واحد في المائة) . وجينات تنتمي للمجموعات الأفريقية التي تقطن جنوب الصحراء بشكل عام بنسبة ٧.٪ (صفر فاصل سبعة في المائة). وجينات تنتمي لغرب آسيا وشمال أفريقيا بنسبة ١.١٪ (واحد فاصل واحد في المائة). وجينات تنتمي لشمال أفريقيا والجزيرة العربية بنسبة ١.١٪ (واحد فاصل واحد في المائة). وجينات أوروبية محددة بنسبة ٢.٪ (صفر فاصل إثنين في المائة). وجينات أوروبية بصفة عامة بنسبة ٢.٪ (صفر فاصل إثنين في المائة). وجينات غير مصنفة بعد بنسبة ٨.٪ (صفر فاصل ثمانية في المائة). 
ويبدو أن جهيزة الخواجية أرادت أن تعوضني عن خسارتي للعباس بإخباري أني والزعيم الخالد نيلسون مانديللا تحدرنا من جد واحد. وأن هذا الجد المشترك عاش قبل ١٤٠ ألف سنة. ربما كان هذا أبونا آدم. 
وهكذا يضع العلم حدا للأسطورة. ويثبت فرضيتي التي تناوشتها السهام العروبية الصدئة. وكشأننا في سوء الظن بكل شيء حتى العلم، فَهِمَ البعض أن في قولي هذا تقليل من شأن العرب والعروبة، وإعلاء من شأن الأفارقة والأفريقانية، في حين أنني أؤمن إيمانا راسخا لا يتطرق إليه الشك أن الناس كلهم سواء لا يتفاضلون إلا بالقيمة والنبل والأخلاق. إنني أدعو فقط أن نكون "نِحْنَ يانا نِحْنَ.. ما غيرتنا ظروف ولا هدتنا محنة". أي أن نكون كما خلقنا الله، وألا نحاول تبديل خلقه، وانتحال خلق آخر غيرنا.. وألا نقيس أنفسنا بمعيار خارجنا، وأن نكون ممتنين كوننا أصلاء في هذه الأرض التي يباركها النيل سليل الفراديس.. وأن نستعيد آباءنا النوبيين رواد الحضارة الإنسانية.. وأن نبعثهم من مرقدهم الذي حجرنا عليهم فيه.. وأن ننفض عنهم تراب القرون، ونعتذر لهم ونكرمهم ونفخر بهم.. وأن نرعى إرثهم الذي أورثونا لأنه ميراثنا أبا عن جد. فإهمالنا للتاريخ والآثار النوبية والكنوز المعرفية التي تركوها لنا إنما هو ناتج عن نكراننا لأصولنا.. عن نكراننا لهم.. عن قتلنا الرمزي لهم، واتخاذنا أبا بديلا عنهم. ومن هذا الأب البديل نتجت كل آفاتنا وعقد نقصنا إزاء العرب وتذللنا لهم.. ).
إنتهى الاقتباس.
وقد أصاب طبعا في بحثه عن أصوله الجينية ليثبت لجميع السودانيين ولأفراد قبيلتيه خاصة.. أوهام أشجار النسب الموضوعة.. وخزعبلات إدعاء العروبة الخالصة لقبائل بعينها ، ولكي يثبت بالعلم خرافة النقاء العرقي في بلد متنوع الأعراق كالسودان.
والآن سأوضح أين أخطأ بدون قصد غالبا وبنية سليمة.
أخطأ في أمرين أولهما :
البجا
ففي غمرة فرحته بنسبة ال 96 في المائة من جيناته التي تنتمي لشرق أفريقيا.. نجده قفز قفزا بالزانة من النوبة على النيل ( وطوااااالي).. تجاه الحبشة وبلاد بونت !!  .. ناسيا ولن أقول متجاهلا قومية أعرق وجودا على شرق النيل من النوبيين ومن أكسوم وبلاد بونت التي كانت في منطقة الصومال الحالية.
قومية البجا العريقة التي تمتد في ثلاث دول وربما أكثر .. تجاهلها الكاتب تماما كأنها غير موجودة!!
أو كأنها تنتمي للواق الواق ..رغم أدوارها التاريخية المذهلة في شمال وادي النيل وجنوبه على مر التاريخ .
نعم البجا.. الذين عادة يتجاهلهم السوادنيون عندما يتكلمون عن التاريخ.  ولكن هذا خطأ المناهج التعليمية السودانية في الأساس وكذلك أجهزة الإعلام ، هاتين المؤسستين اللتين تطفحان جهلا بالتاريخ السوداني الحقيقي وتاريخ وادي النيل عموما.
فإسهام البجا في حضارة وادي النيل قد يفوق إسهام من ذكروا هنا من نوباي ونوباد وأحباش وصومال.
فلماذا يتجاهل تاريخهم نخبنا ؟! هل لأنهم يرونهم حفنة من البدو لا يمكن أن يكون لهم أي نوع من أنواع الاسهام الحضاري ؟!
راجعوا بعض الوثائق التاريخية التي تجدونها متاحة عبر محركات البحث ..تحت أسم المجاي Medjay ، المحاربون البجا القدماء في كمت ( مصر القديمة)  وبعض ملوكهم الذين طردوا الهكسوس كالملك سقنن رع وولديه كاموس وأحمس.
وراجعوا كذلك حروب البجا البلميين ضد الرومان لاستعادة حق الحج الي معبد ربتهم إيزيس في جزيرة فيلة في مدينة ألفنتين ( أسوان الحالية) ، ولاستعادة أراضيهم في كمت (مصر)  التي كانت تبلغ حتى طيبة/الأقصر ، وحتى اليوم بوسعكم زيارة مدافنهم فيها.
هذه الحروب التي كانت مستمرة وسجال لدرجة أجبر البجا الرومان على دفع جزية. فقد كانوا سادة النيل في تلك الفترة وتصدوا للرومان بكل قوة .
فلم يجد الرومان بدا من تحالفهم مع النوباد البرابرة الذين أحضروهم من الواحات الغربية ليكونوا فاصلا بين الرومان والبجا ( راجعوا نقش الملك سلكو النوبادي ) لتعرفوا متى دخل النوباد اراضي البجا في الشمال ، حيث كان ملوك البلميين البجا من آخر ما تبقى من ملامح مملكة مروي الكوشية.
وبالمناسبة كان آخر من نقش وكتب بالمروية هم الملوك البجا البلميين. 
وقد حارب البجا كذلك الأكسوميين في عدة معارك كر وفر ، وفي النهاية هزم البجا مملكة أكسوم في القرن الثاني الهجري / القرن الثامن الميلادي، ثم حكم البجا الحبشة لفترة من الزمن وأنشأوا عاصمة لهم في منطقة سميت بقمدر (بجا مدر)، وتعني أرض البجا ، لا تزال قائمة حتى اليوم. 
كل هذا تجدونه بقليل من البحث.
فلذلك شعب بهذا القدم وهذه المجاهدات العظيمة في حماية حضارات وادي النيل لا يمكن تخطيه أبدا.
فقد حارب البجا كل من غزا مصر ، ابتداءً من ( الهكسوس مرورا بالحثيين والفرس والبطالمة ثم الرومان والمسلمين )ثم ( الترك والانقليز والإيطاليين في السودان وشرق السودان ).
إلى درجة أن زنوبيا ملكة تدمر استنجدت بهم في حربها المجيدة ضد روما وفعلا هبوا لنجدتها وأضعفوا قوة الرومان في مصر رغم هزيمتهم.
كذلك تصديهم للمسلمين لمنعهم من سرقة الذهب من أرض المعدن في وادي العلاقي مع قائدهم الشهير أولباب الذي لقبه العرب بعلي بابا ، ورغم إعجابهم به فقد شوهوا قصته الحقيقية.
وحروبهم مع المسلمين هذه كانت سجالا ولم يخمد أوارها إلا باتفاقية مع زعيم البجة كنون بن عبد العزيز وكانت شبيهة باتفاقية البقط ولكن مختلفة في بند جلب الرقيق وبعض البنود الأخرى.
  دماء كثيرة وأرواح لا تحصى بذلها البجا هذه الحروب التاريخية التي امتدت لآلاف السنين شمالا وشرقا ووسطا وهم يدافعون عن حضارات وادي النيل القديمة وعن السودان.
هذه الدماء إختلطت بدماء معظم السودانيين بالذات المجموعة الجعلية التي تأثرت بثقافة البجا كثيرا.
فكيف يتم تجاهل هذه الدماء قفزا من النوباي إلي الحبشة وبونت مباشرة..
كأن هذه المجموعة السودانية العريقة لم توجد أبدا ؟!!!
الخطأ الثاني :
وهو خطأ شائع كذلك في الإعلام السوداني والمناهج التعليمية القاصرة ، ألا وهو تسمية الحضارة الكوشية وملوكها بالنوبية والنوبيين .
فهذا خطأ تاريخي يقع فيه كثير من غير المتخصصين في التاريخ.
حاول بروف أسامة عبد الرحمن النور رحمه الله.. قبل وفاته تصحيح هذا الخطأ الذي يدرس في المدارس ويبث على أجهزة الإعلام ، حين دفعت الأمانة التاريخية والمنهجية العلمية التي لا يعلى عليها.. بروف أسامة (رغم نوبيته)  أن يكتب ورقة بعنوان :
كوش - النوبة : إشكالية التسمية.
وذلك كي يفك الاشتباك بين المصطلحين .
ونشر ورقته البحثية هذه على موقعه أركماني.
تجدونها متاحة عبر محركات البحث.
آمنة أحمد مختار أيرا
22 May 2018

الأحد، 11 نوفمبر 2018

في فلسفة القوة :

 أن تمتلك السلاح المميت لا يعني بأنك تمتلك القوة .  فالقدرة على الإماتة تعني الفناء ..وليست كالقدرة على الإحياء.
 فالفناء يعني العدم ..والإحيا ء يعني فلسفة البقاء . والبقاء هو القوة الحقيقية التي تحتاج إلى ذكاء ..بقدر ما يحتاج الفناء والإفناء إلى غباء .
.......

* بعض مما تشربته من فلسفة أهلي من أبي ( البجا ) مهداة إلى أهلي من أمي ( الرزيقات ) ، حفظهم الصانع جميعا وصان دماؤهم الغالية ودماء أهل الوطن العملاق بخيره ونعمته التي يجب أن نصونها جميعا  ..فالإحن والمحن هي من صنعنا وبقعتنا المباركة منها براء .

السبت، 10 نوفمبر 2018

دعارة سلطة.. أم دعارة مواطن ؟!!


أجد نفسي قد سئمت تماااما.. حد القرف .
من تلك الأخبار التي صرنا نطالعها كل يوم في الصحافة الورقية والألكترونية ، والتي تحمل عناوين علي شاكلة ( القبض على شبكة دعارة ) ..هنا.. أو هناك ..!!
أخبار كأنها تكتب وتنشر بلا مبالاة.. وباعتيادية...
وكأن فضح الناس والتلذذ  بالتشهير بهم صار أمرا عاديا في مجتمعنا.. الذي صار لا يرحم ولا يبالي بتدمير سمعة أفراد بل أسر كاااملة !!
هذا المجتمع الذي - رغم تنوع ثقافاته وثرائها - إلا أنه كان مؤمناً بمنظومة قيم (السترة ، والتسامح ، والتغاضي عن زلات أفراده الشخصية.. بل والصفح الجميل وكذلك النصح الشفوق ) .. لا (التشهير والفضح.. والتلصص على خصوصيات الناس.. وتتبع زلاتهم بكثير من التلذذ والتشفي.. ) !!
فما الذي جرى لنا إذن ؟!!
أين ذهبت تلك القيم والمفاهيم الإسلامية التي تربينا عليها مثل (عدم تتبع عورات الناس ، وعدم الترويج للرذيلة  وإشاعة الفاحشة ..وكل هذه القيم التي تندرج تحت بند فقه السترة)  ؟!
وكيف لنفسٍ سويةٍ أن تقرأ وتتبع هذه الأخبار ، بل وتعيد نشرها في مجموعات التواصل الإجتماعي.. دون أن تتأذى نفسياً ويصيبها السقم ؟!
ألا يدرك هؤلاء أن سياسة السلطة ونظامها العام في هذا الشأن هي سياسة ( إلهاء ، وغيبوبة ، وإرهاب) ..؟!
فليقل لي هؤلاء المتأسلمون : هل هذه سياسة إسلامية أو نهج إسلامي ؟!
ألم يطلعوا على التراث الاسلامي المدون في هذا الشأن ، في أحكام الحدود وصعوبة إثبات الزنا.. ونبذ التجسس والتحسس ..
وكذلك قصة الخليفة عمر بن الخطاب مع تلك الاسرة التي تجسس عليها.. ثم ندم وأعتذر ؟!
أليست هذه دعارة سلطوية.. تعطي نفسها الحق في إقتحام بيوت الناس.. وترعب الناس في الشوارع وتهددهم بالفضيحة.. وتوحي لهم بأنهم جميعا في نظرها متهمون ومذنبون .. 
وتوحي لكل فرد بأنه مشروع فضيحة تسعى على قدمين ؟!
إن الترويج للفضيحة هو في حد ذاته فضيحة لهذه السلطة ونظامها العام المدعى .
فهل فرغت سلطة المتأسلمين هذي.. من أن توفر للمواطن التعليم والعلاج وسبل العيش الكريم... وصانته من ذل الحاجة والعوز حتى تمنح نفسها الحق في فضحه ومحاكمته في محاكمها الجائرة.. التي إن سرق فيها الضعيف أقامت عليه الحد.. وإن سرق فيها السلطوي منحته حق التحلل من أموال الناس.. هذا المال العام الذي يهدر هدرا (في الفوارغ) .. حين كان يمكن أن يصون المجتمع من ذل الحاجة والسؤال وبيع الكرامة رخيصةً على قارعة الطرق .
وهل هذا هو مفهوم سلطة المتأسلمين للأمن ؟!
وهل (أمن المجتمع) في مفهوم هذه السلطة هو تهديد وإرهاب أفراده بالفضيحة والتشهير بزلاتهم.. أم توفير حياة كريمة تغنيهم عن الخيارات المرة.. التي يفرضها عليهم العوز والجوع والمرض ؟!
شخصياً لا أوجه اللوم الأساس بهذا الخصوص لسلطة المتأسلمين وأذرع قمعها المتعددة التي تحمل مسميات وهمية عدة (من بسط الأمن الشامل إلى النظام العام إلى أمن مجتمع إلى آخره .. ) من مسميات خاوية.. وأجهزة أسست أصلا لإرهاب المواطن وإذلاله ومطاردته ومراقبته ومعاقبته على ممارسات لم تتزايد وتبرز بهذه الصورة إلا في هذا العهد البئيس.. الذي شهدنا فيه أنواااع وأنواع من أوجه الفساد والإفساد الممنهج مما قد يشيب له شعر الولدان !
بل أوجه اللوم في المقام الأول : لذلك المواطن الذي تماهى مع هذا النظام.. وصار يروج لما يريد له النظام ترويجه ، فصار أداةً أخرى للنظام بعلمه أو بغير علمه..
فصارت المحاكمة محاكمتين : سلطوية لا ترحم.. وشعبية تتلذذ بالتشفي !
فرجاء رجاء ، إرحموا فم جائع.. ومريض لا يجد ثمن علاج.. وطفل لا يجد كوب حليب.. وتلميذ رث الملابس ممزق الحذاء لا يجد ثمن كتاب .
وعندما توفر هذه السلطة للمواطن كل إحتياجاته من مصدر رزق شريف ، ولقمة طعام ، وتعليم وعلاج مجاني.. 
حينها حاكموا من زلت قدمه .
وكما ورد في القول المأثور :
عجبت لمن لم يجد قوت قومه.. كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه ..
آمنة أحمد مختار أيرا 
26 Mar 2018
hopenona7@yahoo.com

في عرين الرجال

كسودانيين ، تربينا على ثقافة ( البمد يده على مرة ما راجل )  .

فرغم أن مجتمعنا الحالي ذكوري كمعظم المجتمعات في محيطنا ، إلا أن أسلافنا أورثونا ثقافة أن للمرأة السودانية مكانة خاصة واحترام خاص .

حتى أنه كانت تقاس مكانة الرجل بمقدار إحترامه لأمه ونساء أسرته.. وبرقي تعامله مع الزميلة والصديقة.. والأنثى في الشارع .

وأعتقد أن هذه القيم مستمدة من تاريخنا العريق والقديم.. الذي كانت تتوج فيه المرأة ملكة تحكم وتقود الجيوش..

وشاعرة تستنهض الهمم ضد الأعداء والمستعمر .

قيم مستمدة من إرث كان يستمد فيه الزعيم والملك زعامته عن طريق سلالة والدته لا أبيه.. ويورث الملك والزعامة لسلالة أخته لا لسلالته الذكور من صلبه .

........

ورغم أن هذا كان تاريخا قديما يعود لمجتمعات أمومية وإرثا مستمدا من تقاليدنا الأفريقية القديمة..

ورغم وفود ثقافات ومعتقدات جديدة حولت مجتمعاتنا من أمومية إلى أبوية ..

إلا أن رواسب ثقافاتنا السودانية القديمة في احترام المرأة وتبجيلها واستهجان ممارسة العنف ضدها كانت لا تزال حتى وقت قريب.

بل كانت هذه الثقافة تتجلى في قيم الفروسية المغناة والمحكية والمنشدة شعرا .

.......

قرأت كغيري عن حادثة التعدي على رئيسة نادي الموردة الأستاذة حنان خالد بالضرب والشتم من أحد أعضاء مجلس ادارة النادي ، بسبب خلاف بينهم في وجهات النظر .. !!

واكب هذا الحادث الغريب.. إقتحام النساء لمجال رياضة كرة القدم بقوة وجدارة.  هذا المجال الذي لطالما كان حكرا على الرجال.

وهذا الحادث الغريب قد يحمل عدة إشارات.. من ضمنها أن بعضهم قد يكون غير راض عن إقتحام النساء لهذا المجال الذي قد يعتبره بعض من الرجال حكرا عليهم .

هذا ، رغم أن المرأة السودانية خاصة قد أثبتت جدارتها في كل مجال ولجته.

بل كانت لها الريادة في عدة مجالات سبقت بها الأخريات في محيطنا الجغرافي والثقافي الممتد في قارتين .

وقد سبقت هذه الحادثة الأخيرة.. تلك الحادثة الشهيرة والتي تعدى فيها بالضرب على إحدى طالباته أستاذ جامعي مرموق ومدير جامعة يفترض أنها تنهض بالنساء وتوعيهن بحقوقهن.

ألا وهو بروفيسور قاسم بدري.. الذي شاء القدر أن تكشف تلك الحادثة أن البروف معتاد على ممارسة العنف والوصاية الأبوية على طالباته بكل عنجهية وتعال ذكوري يرتدي مسوح شيوخ الدين ..وهو التقدمي إفتراضا !!

......

فهل يمكن النظر إلى هاتين الحادثتين بصورة منعزلة..؟!

أم يجب التأمل من خلالهما على ثقافة عامة سادت في العقود الأخيرة ..

تسوق وتبرر لإذلال النساء وتشرعن للعنف الممارس ضدهن.. سواء كان عبر القانون أو من غيره .

فكأن المجتمع صار فجأة يكره النساء.. لسبب مجهول وغير مفهوم !!

ابتداء من تلك القوانين التي سنت فجأة ، لتفرض على النساء زيا معينا.. وتمنعنا من دخول المدارس والجامعات حتى لو في عز أيام الامتحانات ..!

ومرورا بتفشي التحرش واللعن والنظرات الغاضبة والمترصدة تجاهنا في الشوارع..

والتحرش والمضايقات في أماكن العمل..

ولم تسلم منه أيضا عضوات المنظومات السياسية التي تبشر ببرامج طموحة وطليعية..

وكذلك جلد النساء أمام الملأ الذين يتفرجون بتلمظ وشماتة..

وانتهاء بانتشار الاغتصاب في مناطق الحروب ..الذي لم تسلم منه حتى الطفلات ..!!

وثم ، والله وحده يعلم والحال كهذه.. بما قد صار يحدث داخل البيوت المغلقة .

فإذا كانت نفس المؤسسة العريقة التي كنا نظن أنها منوط بها دراسة ظواهر العنف ضد المرأة بصورة علمية ومنهجية ، وكنا نعتمد على  دراساتها ودارساتها ..في رسم خارطة طريق لنا لمعالجة هذه الظواهر عبر رصد إحصائيات وتوفير المعلومات عبر الأبحاث الجادة ، كي نتمكن من وضع استراتيجيات ومعالجات.. اتضح أنها نفسها موبوءة بنفس هذا الداء الذي صار مستشر.. ويا له من داء !!

فما العمل إذن يا قوم.. ؟!!

فهل يمكن أن ينهض مجتمع ما.. وأحد كتفيه مائل ؟

آمنة أحمد مختار أيرا

27 Mar 2018

hopenona7@yahoo.com

الرئيسة السابقة لحزب الخضر السوداني.
حوار قديم ومبتسر نشر في صحيفة الحياة اللندنية.
https://www.google.com.eg/url?sa=t&source=web&rct=j&url=http://www.alhayat.com/article/586282/%25D8%25B1%25D8%25A6%25D9%258A%25D8%25B3%25D8%25A9-%25D8%25AD%25D8%25B2%25D8%25A8-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AE%25D8%25B6%25D8%25B1-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B3%25D9%2588%25D8%25AF%25D8%25A7%25D9%2586%25D9%258A-%25D8%25A3%25D8%25B5%25D8%25A8%25D8%25AD-%25D8%25B6%25D8%25B1%25D9%2588%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25A7-%25D8%25AA%25D8%25BA%25D9%258A%25D9%258A%25D8%25B1-%25D8%25A8%25D9%2586%25D9%258A%25D8%25A9-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AF%25D9%2588%25D9%2584%25D8%25A9&ved=2ahUKEwjRiv2njsveAhXFCewKHXJBAzsQFjAAegQIARAB&usg=AOvVaw2Xb5_q6sWtzxcTmMACmLeY

اللات ، ليليتو ، ليليث ، ليل ، لولية ، ليلى..





كنت قد افترضت في مقال سابق بعنوان :
( عزة ، العازة ، العزى ، إيزا ، إيزيس..)
بأن العزى.. إلهة قريش ومن والاهم ، ربما تكون هي نفسها إيزا أو إيزيس (نتريت ) وادي النيل التي طبقت شهرتها الآفاق وانتشر تقديسها في أمم عديدة...ولا تزال سيرتها خالدة حتى اليوم في ثقافاتنا بشكل أو بآخر..

وفي هذا المقال.. سأحاول عرض فرضية ربما تميل إلى الفانتازيا أكثر ..حول الإلهة الأولى ضمن الثالوث الأنثوي : ( اللات والعزى ومناة ) الذي قدسه سكان الجزيرة العربية قبل الإسلام  .
وربما أكملت السلسلة وتناولت كذلك سيرة مناة الثالثة الأخرى.. في مقال قادم.

* اللات :
من هي اللات وماذا يعني إسمها ؟
وهل كانت شخصية حقيقية ثم قدست لاحقا ؟!..
أم لم تكن سوى بطلة لرواية ميثولوجية فانتازية عتيقة صيغت لغرض ما ..ثم زاد عليها الرواة والمعتقدون على مر الأزمان و العصور ؟!
الإسم :
عندما نبحث عن معنى المسمى نجد المفسرين القدامى كأنما قد أعيتهم الفتوى والظنون كما هو شأننا اليوم..
فتتعدد التفاسير من نواحي لغوية وتاريخية .

فالإسم من ناحية لغة عربية قياسية قد يعنى تأنيث لإسم الجلالة ( الله) .
والمثير أنه عند بحثي عن معنى إسم ميناء إيلات أو أيلة بالعبرية ..والتي تطابق إسما بجاويا.. وجدت أنها مشتقة من الإسم إيل وهو يعني بالعبرية والآرامية ولغات سامية عديدة إسم الجلالة الله ..وليس كما ظننت سابقا بأن المسمى يحمل نفس المعنى بلغة البجا.
حين نجد أن الإسم إيلات بلغة البداويت البجاوية تقريبا يعني ( وضاحة أو البيضاء ) ، ولكن هذا أيضا يذكرنا بمدينة تاريخية عتيقة كانت في نواحي منطقة ميناء إيلات الإسرائيلي الحالي وكانت تلقب بالمدينة البيضاء نسبة للون مبانيها .

ومن ناحية ميثلوجيا تاريخية نجد مسمى اللات كذلك أقرب جغرافيا وعقائديا لمعبودة قديمة أخرى فيما بين النهرين هي (ليلتو ) .
كما نجدها أقرب أيضا إلى ليليث التي ذكرت في المثولوجيا الدينية اليهودية باعتبارها الأنثى الأولى التي خلقت قبل حواء من طين أيضا ولكن بشكل منفصل عن آدم.. ثم تمردت على سلطة آدم وهربت إلى الأرض.. وتحديدا إلى البحر الأحمر .. كما ورد في سفر الزوهار الذي يتناول الفكر الصوفي اليهودي الكبالا أو (القبالة) .

وكذلك هي أقرب إلى الإلهتين إنانا وعشتار في بلاد الرافدين والشام ..من ناحية السلطة الأنثوية المغوية والتي ترمز للخصب.
 في المصادر والمراجع العربية ورد أنه كان لها مقام في الطائف وسدنة وكاهنات ، وكذلك كان لها مقام في مكة عند الكعبة.
وكانت تعتبر ربة السماء والخصوبة وتتبرك بها النساء.
ويرجح البعض أن سكان الجزيرة العربية قد استعاروا عبادتها من الأشوريين والأنباط. والبعض يربطها بكوكب الزهرة كما ذكر هيرودتس .
وفي مدينة تدمر السورية يوجد تمثال للات وبجوارها أسد رابض.
ووردت في النصوص النبطية التدمرية بإسم ( اللت) .

هذا ما كان عن اللات.

* أما ليليتو أو ليليت أو ليلت :
فهي معبودة قديمة من بلاد الرافدين ، وتعد كيان أنثوي ليلي ..وتلقب بسيدة الرياح .
ورمزها البومة التي غالبا ما كانت ترمز للشؤم إضافة للحكمة في الثقافات العتيقة.
وتصور أحيانا على صورة سيدة مجنحة.
ووجدت قصتها ضمن ملحمة قلقامش في الرقم المسمارية السومرية.
وبعض الباحثين يعزون مصدر قصتها إلى أيام بابل القديمة وسحرها الأسطوري ، وكذلك إلى تاريخ السومريين وأسرارهم العتيقة وطقوسهم المحيرة ..
ويرمز لها أحيانا بالتنين وحرارته وتارة بالأفعى المغوية التي ورد ذكرها في قصة الخلق .
عموما هي ترمز عندهم لقوة روحانية شريرة تصيب النساء الحوامل بالحمى وتسقط الأجنة  .

الإسم :
يعود مسمى ليليتو أو ليليت أو ليلت أو ليليث إلى مصدر لغوي سامي (حسب التصنيف القديم للغات).. حيث يشتق الإسم من الجذر (ليل) ، وهو ذو معنى متطابق في عديد من اللغات التي تصنف ضمن التصنيف أعلاه ، حيث نجدها بنفس المعنى في العربية والعبرية والأكادية..فهي بالعبرية تعني العتمة ، بل وكذلك في لغة تقراييت وهي إحدى لغات البجا ..حيث ليليت بالتقراييت هي الليلة والليل لالي.. وكذلك تعني حورية.
وليلو بالتقراييت والتقرينية تعني النسر .
أما في لغة تبداوييت البجاوية فليليت تشير للعين وكذلك تعني زغرودة.

* ليليث :
في الميثلوجيا اليهودية خاصة فكر الكبالا(القبالة) الصوفي تعتبر ليليث الأنثى الأولى التي خلقت قبل حواء.. ثم أصابتها اللعنة لتمردها. فتحولت إلى كيان ليلي شيطاني وإلى بومة نائحة تجلب النحس.
الكلمة بالعبرية مصدرها الأصل السامي ( ليل) كما ذكرت.. الموجود بنفس المعنى في عديد من لغات المجموعة السامية ( حسب تصنيف شولتزر للغات) .

* ليليث كعنصر جدلي في قصة الخلق :
إذا تأملنا الرواية اليهودية الباطنية عن ليليث ..فسنجد أنها ذات مغزى فارق ومفارق في قصة الخلق..
فهي الأنثى الأولى التي خلقت من طين مثل آدم..
فتمردت عليه ولم ترضخ لسلطته أو أفضليته عليها ..فأصابتها لعنة الخالق بعد هروبها ومعاشرتها للشيطان الذي أنجبت منه.. فطاردتها الملائكة المكلفون بعقابها وقتلوا أطفالها.
فعزمت على أن تنتقم من حواء بقتل أطفالها أو إصابتهم بالمرض والعلل الغامضة.. وإصابة ذرية حواء من النساء بحمى النفاس.
وتربطها الأسطورة كذلك بالأفعى المغوية التي تسببت في إخراج آدم وحواء من الجنة..
وهي أيضا تغوي الرجال حيث تظهر لهم في صورة أنثى فائقة الحسن لتضللهم وتوقعهم في شتى المهالك..

وهي هنا تطابق قصتها قصة جنية سواكن الشهيرة ( تهشو ) ..
التي كل من رآها انبهر بحسنها تبعها إلى أعماق البحر ولم يعرف مصيره.

وكذلك بالجنية المغربية ذات المهابة والسيرة المفزعة عائشة القنديشة أو عيشة كونتيسة أو عايشة السودانية..التي تهوي الثأر من الرجال وأخذهم في دروب المتاهات ، أو معاقبتهم بصورة عنيفة عندما يسيئون معاملة النساء.

ونجد القصة تكاد تتكرر في عديد من ثقافات وتراث دول الشرق الأوسط وأفريقيا بصور ومسميات عديدة.. تتفق في معظمها حول كيان روحاني أنثوي ظلامي مهاب غامض جامح وفتاك ..
وربما يكون الأمر قد نشأ في بدايته ضمن معتقدات عتيقة لشعوب المنطقة كانت تتميز بطقوس جامحة وجنونية.. حيث تباح المحظورات في طقوس (الدعارة المقدسة) في سبيل خصب الأرض وخصوبة الإنسان عبر التوجه والتوسل للطبيعة الأم.. بعد ترميزها في صورة كيان أنثوي مانح للحياة في آن ومانع لها في آن آخر..
وقد (أغوت) حكاية ليليث الأسطورية الأدباء والرسامين والنحاتين حول العالم فكتبوا ورسموا ونحتوا العديد من الروايات واللوحات والمنحوتات من وحي قصتها ، وصارت في رواياتهم نموذج للمرأة المغوية أو المتمردة أو القوية.
بل حتى في علم النفس ابتدعت عقدة تسمى بعقدة ليليث..
وكانت من بنات أفكار أو منهج المحلل النفساني النمساوي فريتز ويتلز .

* أم الصبيان :
تعد الجنية أم الصبيان في الثقافات السودانية من أشهر الكيانات الأنثوية الغامضة التي يرقي الناس صغارهم منها عبر وضع تمائم وشرب محايات ( المحاية هي آيات قرآنية تكتب على لوح خشبي وتغسل بماء ورد وتسقى لمن يحتاجها لمختلف الأغراض) .
هذا بالنسبة للمسلمين طبعا ، وكذلك لكل أصحاب معتقد آخر في السودان وسائلهم الخاصة في إتقاء شرها المزعوم.
وهذه غالبا طقوس قديمة وعتيقة جدا..تمت أسلمتها واستيعابها والتصالح معها ومزجها مع الثقافة والمعتقدات الإسلامية التي اعتنقها القوم طوعا .

وقد تكون أم الصبيان في الوجدان الجمعي السوداني تمثل الأنثى الأولى الملعونة التي توعدت نسل حواء .
من يدري.. ؟!

* سخمت :
قصة نتريت سخمت الساخطة (المسخوتة) ..
 تلك التى أوكل اليها الإله رع فى الأسطورة  عقاب الجنس البشري بعد أن انتشر فيهم الفساد والشرور .
سخمت وتعني القوية، كانت دائماً ما تمثل كسيدة برأس لبؤة أو بهيئة سيدة ورأس لبؤة جالسة علي العرش .
في ميثولوجيا وادي النيل غضب  رع نتر الشمس على البشر ، فقام بإرسال سخمت لتنتقم منهم . وهي تمثل التجلي المنتقم لحتحور . إلا أن سخمت قد تمادت في مهمتها هذه ، فعاثت في البشر تنكيلا وتقتيلا . وهنا اضطر رع لخداعها وتهدئتها، بأن أسقاها كميات من قناني النبيذ الأحمر ، فسكرت ربة الإنتقام وهدأت حتى توقفت عن القتل.

* لولية الحبشية :
اللول اللول يا لولية..

لالي لي ولا لي لالي لي..
اللول لول يا العروس..
الليل الليلة العديل والزين
اللول لوو لوو ..
هذه مطالع أغنيات شعبية سودانية شهيرة تعد من اللون الغنائي المعروف ب(أغاني البنات).. وهي تنشد في الأعراس والمناسبات البهيجة في عديد من مناطق السودان ، وتعد أيضا من ضمن أغاني الطقس المعروف ب(رقيص العروس) ، وكذلك عادة ما تنشد ضمن أهازيج طقس الحنة والجرتق (وهذا الطقس تحديدا يتطلب دراسة مكثفة تراثيا وتاريخيا رغم وفرة الكتابات عنه والتي لم تشبع فضولي البحثي بعد) .

أما المطلع الأول :
اللول اللول يا لولية..بيسحروك يا لولي الحبشية ، فيعود لطقس الزار.
حيث تعد هذه الأغنية ( أو الوتر أو الخيط) من ضمن الأوتار أو الخيوط التي تدق وتعزف لجذب واستحضار روح كيان أنثوي جامح وشهير.. كي يتنزل أو يتلبس أو يحضر على جسد الشخص الملبوس أو ( الملبوش) .
ويزعم أهل الزار وممارسوه أن هذا الكيان أو (الريح)  المسمى بلولية أو لولا.. ملكة لأرواح الزار وسيدة لهم.. لذلك تلقب ب(الست أو القائدة) ، وهنا نلاحظ أن هذا اللقب (الست)  شبيه بلقب إيزا - إيزيس ( إست)  الذي يعني السيدة أو المتربعة على العرش.

الإسم :
لماذا لولا.. ولماذا حبشية تحديدا ؟
وبما أن لولا أو لولية تنسب للحبشة.. فقد حاولت أن أستدل على معنى الإسم بكافة اللغات الحبشية التي تنسب للدولة التي تسمت حديثا باسم أثيوبيا .
فلم أوفق في معرفة معنى الإسم بكافة لغاتها، ولكنها على حسب أحد الاصدقاء تعني بالأمهرية لؤلؤة وكذلك نجمة.
ويقال إن الإسم منتشر في أثيوبيا بصورة كبيرة.

و مع ذلك ، فإن مسمى لولا كما نلاحظ (قد يعتبر ) كلقب تدليل ل(ليليت أو ليلت) ، هذا مع إضافة لقب (الحبشية)..
ومسمى الحبشة كما نعلم كان يطلق أحيانا من ناحية (اصطلاحية ) على البر الغربي للبحر الأحمر ..

ويمكن أن نتأمل هذه المعطيات على ضوء ما ورد في الأسفار القديمة عن مستقر ليليث بعد هبوطها إلى الأرض ..حيث ذكر أنها إستقرت في البحر الأحمر .

وهنا قد يثار سؤال مثير : هل كان سكان ساحلي البحر الأحمر يقدسون أو يتوسلون أو يقومون بطقوس إستعاذة قديمة لاتقاء شر المتمردة الجموحة ليليث..
ثم تحور إسمها لاحقا إلى لولا الحبشية ؟!
من يدري..

خاصة أن طقوس الزار الخاصة بالست لولا تعد طقوسا مرفهة.. بل تدليلية.. حيث يقال أن الملكة لا تنزل إلا بعد توفير كل مطالبها من بخور الصندل وزيته الصندلية.. وكل ما غلا ثمنه من الخمور والعطور والبخور والمكسرات والأقمشة الحريرية الحمراء..
وحيث تفضل الست كل ماهو أحمر : من شموع وخمر وبخور وقماش. ولها يومها المفضل وهو الخميس.
وعلى حد قول أحد الأصدقاء المتبحرين في شؤون طقس الزار :-
( لو الست نزلت وما لقت حاجاتها بتبشتن الدنيا ) ..
بمعنى أنهم لا يرغبون في إغضاب الست.. حيث أن غضبها سيزيد ويضاعف العلل على المصاب بمسها أو الذي يتجسد (ريحها ) فيه .
ودستووور ..

يا ليلى ليلك جن :
حقيقة اسم ليلى..

من زاوية أخرى.. ولكن ليست بعيدة تماما عن موضوعنا هنا..
نلاحظ أن الشعراء والمغنيين والصوفية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. خاصة السودان ، شغوفون للغاية بنظم وإنشاد الشعر الغزلي في حسناوات ومعشوقات يحملن الإسم (ليلى).

ودفعني هذا الأمر للتأمل حول الاسم ومحاولة معرفة مصدره وسبب شيوعه و(التشبب) به شعرا ومغنى ..

معنى الإسم : فسر المفسرون بالعربية إسم ليلى بالخمر الداكنة أو نشوتها ..وكذلك بظلمة الليل.
ويقال تعبير (ليلة ليلاء)  لوصف الليلة الصعبة أو المرهقة أو التي حفلت بأحداث ذات أثر شديد على النفس سواء سلبا كان أم إيجابا.
وكما أشارت إحدى الأخوات إلى أن:
 (يا ليلي ليلك جن، قصيدة صوفية معروفة وتغنت بها عقد الجلاد .
واسم ليلى مرتبط بالأدب الصوفي ،وله دلالات عند الصوفية ، ويسمونها عروس الحضرة ..
وهي عندهم تمثل الروح والانغماس في الحب  الرباني النوراني .
واستخدام إسم ليلى في الأدب الصوفي استخدام مجازي وليس حقيقي).

وبطبيعة الحال ليس من المستغرب أن يتطابق جذر الإسم في العربية ومعناه مع بقية اللغات التي توصف (اصطلاحا) بالسامية .

فترى من كانت ليلى العربية الأولى  ؟
وكذلك ليلا في اللغات الأخرى ؟
وكذلك الإسم اللاتيني ليلي الذي يعني زهرة الزنبق.

أعتقد أنها أسئلة تستحق التأمل والبحث حولها..
وكما ذكر أحد الأصدقاء :
فكل يغني على ليلاه..

* المرأة كمقدسة.. والمتمردة ليليث.. والست لولا :
كما نعلم ، قدست حضارات وثقافات كثيرة المرأة في صورة إلهة وربة أو كتجلي إلهي محرك أو متحكم في ظاهرة طبيعية معينة.
ففي حضارة وادي النيل على سبيل المثال ، كان ( النترو)  من رجال ونساء ينالون نفس التقديس ، بل وأحيانا نجد سيرة (النترت)  أعمق ظهورا وارتباطا بحاجات المجتمع من (النتر) خاصة طقوس العبور من ميلاد وختان وبلوغ وزواج وإنتقال للحياة الأخرى . فنجدها بذلك راعية لكل الأطوار المهمة في حياة الإنسان .
كما نجد الملكات الكنداكات والنسب الأمومي في حضارات وثقافات السودان القديمة .

وهنا يحق لنا أن نتساءل : هل نشأت أسطورة ليليث وغيرها من أساطير نساء متمردات مزاجيات وجموحات.. نتيجة لحاجة بعض المجتمعات لإيجاد نوع من التكافؤ بين نوعي الذكر والأنثى ..وذلك حين يختل التوازن المجتمعي بين النوعين بصورة سافرة.. فيقمع المجتمع المرأة ويحجم رغباتها أو يحجب عنها بعض الحقوق ويحصرها في ما يعرف في علم النفس الإجتماعي بمصطلح (توقعات الدور).. أو يستهجن منها إغتراف وإقتراف بعض متع الحياة وشهواتها..؟!

هل هي حاجة وجودية فلسفية أم نفسية.. أم حتمية كغريزة مقموعة تتخذ شتى الأطوار كي تعبر عن نفسها ووجودها في سعيها صوب الإشباع الطبيعي ..
حيث تكون حاجات وإحتياجات ورغائب حواء هي المحور الذي تدور حوله الأشياء هذه المرة بدلا عن آدم.. ؟!

وربما يكون هذا سببا لإبتداع ليليث كرمز للعتمة والشر وجعل إرتداء التمائم والتعوذ منها واجبا وجيبا...
..............

ملحوظة : المقال ليس سوى مشاركة مني للقراء في نوع من العصف الذهني وتأمل في مسميات وروايات تراثية ودينية عتيقة .

آمنة أحمد مختار إيرا
17 Aug 2018
هوامش :
* النترو في ثقافات وحضارات وادي النيل القديمة : كائنات مقدسة تقوم بمهام إلهية عبر تحكمها بقوى الطبيعة .
* الزوهار : سفر يهودي يفسر التوراة من ناحية صوفية باطنية.
* تصنيف اللغات إلى سامية وحامية وأخرى غير معروفة المنشأ كان تصنيفا اصطلاحيا قديما إستنه العالم اللغوي النمساوي أوغست لودويك شلوتزر عام 1781، وذلك بغرض تصنيف المجموعات اللغوية إلى أسر تتشابه من حيث الخصائص اللغوية ، ولكن اتضح لاحقا عدم دقة وعلمية التصنيف كونه يعتمد على ميثولوجيا دينية لم يثبت وقوعها حسب مناهج وأدوات البحث العلمي التاريخي والآثاري والأنثربولوجي ، وهنالك الآن تصنيف جديد للمجموعات والأسر اللغوية يعتمد على معايير أكثر دقة وتعقيدا.
* كل الشكر والتقدير لزملائي الباحثين الذين شاركوني النقاش والعصف الذهني في المجموعات المتخصصة في التراث والتاريخ والآثار  .خاصة مجموعة بيت الزار ومجموعة حضارات سودانية ومجموعة مركز ثقافة وحضارة البجا.

* مراجع : الأساطير العربية قبل الإسلام، تأليف محمد عبد المعيد خان، الناشر : مطبعة لجنة التأليف و الترجمة 1937م.
* ميثلوجيا آلهة العرب قبل الإسلام ، تأليف الساسي بن محمد الضيفاوي . من إصدارات المركز الثقافي العربي.

* مصدر الصور المصاحبة للمقال :

الإيمان الصاخب.. الإيمان الضاج!!


الإيمان الصاخب والضاج ..
والمعبر عنه عبر مايكروفونات تضخيم الصوت..
هل هو معبر عن يقين فعلي ..أم فقط محض ضوضاء إجبارية.. هدفها إزعاج البشر داخل بيوتهم وإقلاقهم واشعارهم .. بالذنب  ..؟!
الذنب تجارة الكهان الرابحة تلك التي لا تخيب عبر الدهور ..!!
وإلا ما المعنى وما المغزي الحقيقي الذي يتبارى أصحابه في جعل صوت نداء القيام للصلاة مزعج إلى هذه الدرجة ؟!!.. حين هم يعلمون علم اليقين أن في الأمر بدعة تكنولوجية حديثة لم يكن لها أثرا في عهد الرسالة الأول والنقي..
حيث كان سيدنا بلال وحده يشق صوته الشجي السحر ويتسلل إلى الأسماع..
بلا أية إضافات تكنولوجية تصم الآذان.. وترعب بصوتها المعدني ذي الصرير المزعج طفل رضيع غض أعصاب ومكونات الأذنين ..وقد توقظ مريضا طريح الفراش ..فتجعله يتقلب ألما رغم ما قد جعله الأطباء يتناول من مهدئات..
ولا تراعي كذلك كل مصاب بحساسية الإذن.. أو غيرها من علل قد يفاقم من حدتها هذا الإزعاج اليومي الإجباري والسادي .
بل قد تشعر أحيانا أن المؤذن ينتهرك بندائه (بنوع من الغتاتة لدرجة تجعلك تتخيله وهو صاري وشه ومكشر ) !!
ألا يمكن للتعبير عن الإيمان أن يكون هااادئا سمحا كسماحة تحية الإسلام  ؟!
فلماذا وجب وتوجب أن يكون التعبير عن الإيمان ضاجا وصاخبا.. بل ومترصدا ومراقبا للخلق.. إلى درجة ( الحشرية)  بين العبد وربه..بين الإنسان وخالقه.. بين البارئ الصانع وما أبدعت يداه من كون وكائنات.. ؟!
لماذا تحتم أن يظن البعض في أنفسهم الكمال التام.. والتنزه التام.. وكذلك إفتراض الإيمان التام وبالتي تمييز أنفسهم عن خلقه.. وجعل أنفسهم غير المنزهة حكما على الورى..
حين أن ( لا كهنوتية)  في الإسلام.. ؟!!
بل أن بعض هؤلاء الكهنوت المبتدعين أعطوا أنفسهم حق إذاعة الصلوات كاملة بالمايكروفون ، وكذلك التراويح والتهجد !
فما الغرض من ذلك يا تري ؟ ...فهل يريدون منك أن تصلي خلفهم من على البعد.. ؟
أم غرضهم فقط التشويش على صلاتك وتبتلك واختلائك بربك بين جدران بيتك ؟!!
  قال تعالى :
(فُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ) .
وقال ابن القيم الجوزي في مؤلفه تلبيس إبليس: (وقد لبس إبليس على قوم من القراء فهم يقرأون القرآن في منارة المسجد بالليل بالأصوات المجتمعة المرتفعة الجزء والجزئين فيجمعون بين أذى الناس في منعهم من النوم وبين التعرض للرياء).
حقا ، أرى أننا نحتاج هنا أن نقف وقفة مع أنفسنا..
وأن يحاول كل منا أن يتتبع أثر ( الرياء)  في قلبه ..
وأن يخلص التوجه لخالقه وبارئه وصانعه.. صدقا لا رياء ولا تصنعا ولا استعراضا.. ولا أن يجعل من نفسه حكما وميزانا ومسؤولا عن إيمان الآخرين .
فكل نفس بما كسبت رهينة
ولا تزر وازرة وزر أخرى..
ولن يكون أحد آخر بمنجيك عن الحساب أو ينوب عنك..
فكل منا آتيه يوم القيامة فردا..
فذلك يوم يفر المرء من أمه وأبيه وصاحبته وبنيه.. وفصيلته التي تؤويه  ..
فباختصار...( كل شاة معلقة من عرقوبها)  ..والخلاص فردي وما أنت بمنج أحد (بالعافية) .
ولو كان الإيمان إجباريا لأجبر سيدنا محمد ( صلعم)  أهل بيته من أعمامه.
فاخفض صوتك واخشع في حضرة بارئك.. واسجد وأقترب.
فالهدف القرب وليس التنطع والضوضاء.
و(لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) ..
وأن أول دعوانا فيها سلام.. وآخرها سلام..
وقد نهى ديننا عن العجب والكبر والخيلاء في الدين .
والإيمان الحقيقي ما وقر في القلب وصدقه العمل ، فليس بوسع أحد الإعلان عن إيمانه بتطويل اللحي أو تقصير جلبابه أو إسدال عبائته حتى لا تبان منه سوى عينيه.  فالإيمان ليس مجرد مظاهر ومافي القلب لا يعلمه سوى المطلع على السرائر.
فحبذا لو تفرغنا لتزكية أنفسنا..بدلا عن الإنشغال الدائم بالناس ، فذلك لعمري هو الجهاد الأكبر كما قال رسولنا الكريم.
ودعوا الخلق للخالق ، فالحرام بين والحلال بين ، ولا كهونتية في الإسلام .

الأربعاء، 7 نوفمبر 2018

روح القانون ، روح الزواج ، وروح نورا..

روح القانون ، روح الزواج ، وروح نورا..

استهلال :

*  روح القانون :
عبارة روح القانون ، أكاد أجزم أنها قد وردت ونوقشت كثيرا على مر الأزمان وفي حضارات وثقافات متعددة ، عندما كانت تطرأ معضلة التطبيق الحرفي لنصوص القانون بصورة ربما تجعلها تبدو متناقضة مع إحدى صور العدالة كمفهوم إنساني .. وقد تمثل في هذه الحالة انحرافا معياريا وموضوعيا عن العدالة المتحراة مما يجعلها تبدو بعيدة عن التوازن العدلي ومتناقضة معه.
وقد ظهر هذا المصطلح بصورة مصاغة فلسفيا في كتاب للفيلسوف الفرنسي مونتسيكو في القرن الثامن عشر بعنوان :( The Spirit of the Laws ) .
ورغم أن فلسفة مونتسيكو في الأساس تناولت الفصل بين السلطات (التشريعية ، والقضائية ، والتنفيذية)  من منظور سياسي . ولكن فقهاء القانون تناولوا (مبدأ روح القانون ) الذي إستنه مونتسيكو وناقشوه من خلال معضلة تزمت النص القانوني أحيانا في وقائع مختلفة..قد تجعله يبدو منحرفا في بعض الأحيان عن تطبيق روح العدالة وبالتالي عن تحقيق السلام والأمن المجتمعي المرتجى والمأمول من تنفيذ النص القانوني بحرفيته ومواده العقابية الصماء .

*  روح الزواج :
المصطلح من عندي ، وأقصد به الغاية النبيلة الأساسية التي قد تجعل من فردين مستقلين ومن خلفيتين مختلفتين وتجارب ونشأة أسرية مختلفة ..أن يقررا إقتران حياتهما معا والعيش معا تحت سقف واحد ليؤسسا نواة مجتمعية وأسرة جديدة .

لو رجعنا للقرآن الكريم كمصدر للتشريع يستند إليه قانون الأحوال الشخصية السوداني ، فسنجد أن القرآن يوضح روح الزواج في آيات عديدة مثل :
1-
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم :21) .
فهذه الآية عبرت عن ( روح الزواج)  بكل بلاغة وجمال :
خلقنا لكم من أنفسكم أزواجا..
لتسكنوا إليها..
وجعل بينكم مودة ورحمة ..
2 -

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ] (البقرة: 187).
 والرفث فسر بمعنى المباشرة أو الملاطفة..
وكذلك عبارة هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ..
توضح أن الزوج والزوجة ( ستر وغطا ) لبعضهم البعض.
وهذه هي (روح الزواج)  .
3 -

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم. ( البقرة الآية231) .
والمعنى واااضح..
فإما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان..
ولا تمسكونهن ضرار لتعتدوا..

4 -
كذلك في السيرة النبوية وردت أحاديث :
( لا ضرر ولا ضرار ) .
5 -

من ما رواه مسلم (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن) قالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟.. قال "أن تسكت" وفي رواية "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر وإذنها سكوتها".
6 -
وذكر الحارث في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل زوج بنته دون أن يستشيرها "أشيروا على النساء في أنفسهن".
7 -
روى البخاري أن خنساء بنت خدام زوجها أبوها وهي كارهة- وكانت ثيبا - فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحها.
8 -
وفي السنن : أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهى كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم يعني جعل لها الخيار في إمضاء هذا الزواج وفي فسخه .
9 -
وروى أحمد والنسائي وابن ماجه أن رجلًا زوج بنته بغير استشارتها، فشكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إن أبى زوجني من ابن أخيه ليرفع بى خسيسته.
وأوضحت: فجعل الأمر إليها، فلما رأت ذلك قالت: أجزت ما صنع أبى، ولكنى أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء.
10 -
وروى عبد الرزاق أن امرأة قتل عنها زوجها يوم أحد ولها منه ولد، فخطبها عم ولدها ورجل آخر، فزوجها أبوها من هذا الرجل، فشكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تريده، وتريد عم ولدها لأنه أخذ منها ولدها، فقال لأبيها "أنت الذي لا نكاح لك اذهبي فانكحي عم ولدك".
،،،،،،،،،،،،،،،،

فكما رأينا في هذه النصوص الواضحة والبليغة التي تعبر عن روح الزواج في الإسلام.. والذي من أهم شروطه موافقة الطرفين .
وبالتالي تبطل هذه النصوص الزواج الذي تجبر عليه البنت .
فلا أدري بأي قانون حكم القاضي علي الشابة نورا حسين بأن الشخص المعتدي الذي قتلته إنتقاما لشرفها وكرامتها هو زوجها قانونا ؟!
حتى يأتي ليحدثنا عن ورثة ووراث واستبعاد من الميراث..!!
حين أنها لا تعد زوجة القتيل شرعا حتي لو عقد عليه وليها ، وهي قاصر ومراهقة لم يكتمل لديها تطور الفص الدماغي بعد ..
والأهم أنها لم توافق.

وكذلك لماذا لم تتم مراعاة الظروف النفسية القاهرة التي عانتها لمدة ثلاث سنوات وهي ترفض هذا الزواج القسري حتى اضطرت للهرب.. ومورس عليها الخداع كي تعود وتقع في براثن هذا الفخ الزوجي ؟!
ولماذا ألزمها القاضي الهمام هذا بدفع تكاليف اللجنة الطبية النفسية لدراسة حالتها.. وهو يعلم أنها فقيرة وحتى عائلتها تخلت عنها ؟!!
وكيف سمح محامي الإدعاء لنفسه بمعايرتها في وسائل الإعلام بأن القتيل كان يصرف عليها وعلى أسرتها ماديا.. ؟!!
فهل لا زلنا في عهد الرقيق يا محامي الإدعاء أم ماذا ؟
وكل من يستطيع أن يشتري جارية يصرف على أهلها وتكون له يفعل بها ما يشاء.. يغتصبها.. يأكلها.. وربما يبيعها !!

وطالما أن زواج نورا من قتيلها باطل أصلا بانتفاء أهم شروط الزواج وهو موافقة الطرفين فهو إغتصاب ولا يوجد له مسمى آخر .
هذا ناهيك عن أن الإغتصاب هو إغتصاب حتى لو كان بين زوجين ، وحتى لو لم يوجد نص في القانون السوداني يجرم إغتصاب الزوج لزوجته ..
لماذا ؟ لأن هذه ليست ( روح الزواج)  المنصوص عليها في الشرع الإسلامي المستمد منه قانون الأحوال الشخصية السوداني ..

وإليكم النصوص التي تجاهلمتوها يا ممثل الإدعاء ويا أيها السيد القاضي ، والتي تفرق بين المعاشرة الزوجية الحقة وبين الإغتصاب الزوجي :
1 -( لا يَقَعَنَّ أحدُكم على امرأتِه كما تَقَعُ البَهيمةُ وليكنْ بينهما رسولٌ ) قيل : وما الرسولُ ؟ قال : ( القُبْلةُ والكَلامُ ) .

2- عن أنس قال : قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ثَلاثةٌ مِن الجَفَا : أنْ يُؤاخِي الرَّجلُ الرَّجلَ فَلا يَعرِف له اسْماً وَلاَ كُنْية ، وَأن يُهيِّئ الرجلُ لأخيهِ طَعاماً فَلاَ يُجِيبه ، وأن يَكونَ بَيْن الرجُلِ وَأهلِه وِقاعٌ مِن غَير أن يُرسِلَ رسُولاً : المِزاحُ والقُبَل ؛ لا يَقَع أحدُكم على أَهلِهِ مِثلَ البَهِيمة على البهيمةِ ) .

هذا ناهيك عن تجاهل محاكمة المغتصبين الآخرين الذين شاركوا في هذه الجريمة الشنيعة وضربوا وشلوا حركة فتاة عذراء وهتكوا سترها وحيائها ، بل ومن سخرية القدر أن بعضهم كان شاهد إدعاء على هذه المسكينة!!

ختاما : حتى لو كان هذا الزواج المزعوم زواجا صحيحا مكتمل الأركان ، فماهو حكم الشرع يا (سيدي القاضي)  في ممارسة الزوج الجنس مع زوجته أمام ملأ.. ؟!!
ونحن نعلم أن هذا الفعل لم يحدث في هذه الواقعة وحدها.. بل يحدث في مناطق عديدة في هذا الوطن تجبر فيها الصغيرات على الزواج ، ثم يتطوع أصدقاء العريس ووزيره بمساعدته في تكتيف العروس المسكينة حتى يفض عذريتها بكل بهيمية..
عكس ما نهانا القرآن الكريم والرسول صلعم.
وعكس كل الشرائع والحس الإنساني السليم.

فأين تطبيقكم لروح القانون في هذه الحالة..
وروح الزواج.. من مودة ورحمة ورسول من قبلة وكلام وملاطفة ..
فقط.. تواطأتم على سرقة روح نورا المسكينة مرارا وتكرارا..
فهل تظنون أنها قد تبقت منها بقية من روح كي تسلبوها بحكم إعدام.. ؟!
وترى.. كم من نوارات إنطفأت أنوارهن الواعدة فيك يا سودان...؟!!

آمنة أحمد مختار أيرا
7 May 2018

توصيف مسألة الهوية بالمشكلة.. بحد ذاته مشكلة !


من نحن ؟
وماهي هويتنا ؟!
هل هي فردية ، أم عرقية ، أم جهوية ، أم مناخية ، أو وطنية ؟!
أم هوياتنا متبدلة.. كلما عن لمفكرينا من محاولات صكها في ثنائيات متجددة.. حسب الأحوال ومجرى ريح الأحداث وما تتطلبه من مطايبة ومسايرة لواقع ما.. ؟!
تمهيد :
الهوية كتعريف منهجي :
مصطلح الهوية مشتق من الضمير( هو) في اللغة العربية ، مصطلح يستخدم لوصف مفهوم الشخص وتعبيره عن فرديته وعلاقته مع الجماعات من ناحية تباعد أو إنتماء ، لذلك نجد للهوية عدة تفرعات ( كالهوية الفردية ، والهوية الوطنية ، والهوية الثقافية ، أو الجمعية إلخ..) فهنالك نماذج عديدة للهويات بالطبع.
فمثلا ، الهوية القومية هي التي تميز أمة ذات مشتركات محددة عن غيرها ، وتضم مجتمعات تجمعها رقعة مشتركة ( أرض ، أو حيز جغرافي في قارة ما) وعدة عناصر داخلية متشابهة من عرق وتاريخ مشترك وثقافة متشابهة السمات ولغة ..وفي غالب الأحيان تتعدد الثقافات والأصول واللغات مما يشكل تحديا للدولة القومية. والتعامل مع هذا التحدي بالذات هو المحك الذي يفرق بين الدولة المتقدمة والدولة المتخلفة .
والهوية القومية والوطنية تكون تحت مظلة ( الهوية المجتمعية) أي العناصر المجتمعية المكونة لكيان سياسي ما (دولة)  .
عقدة الهوية القومية :
في حالات معينة قد تلتبس الهوية القومية وتعبر عن نفسها في شكل عقدة ، وذلك حين تشمل الدولة القومية بداخلها على ثقافات ولغات وأعراق متعددة. 
لذلك مفترض أن يقنن مصطلح الهوية ويستخدم من قبل المؤسسات المكونة للدولة بتفويض مفترض من قبل المجتمعات المكونة لها بعد الإتفاق على تعريف دقيق .  وأن ينص على ذلك في الدستور بصورة واضحة وغير ملتبسة ، كي يتفرغ الشعب وقادته ونخبه لما هو أهم..
الهوية في علم النفس الإجتماعي :
ضبابية وغموض مفهوم الهوية ومتى يتحول إلى أزمة هوية :
فحسب مالك شبل ، أن مفهوم الهوية يمكن تعريفه بديهيا ولا يحتاج أن نمعن في تشريحة حتى يتحول إلي أزمة وضبابية  مما يسهل إستغلاله إستغلالا آيدولوجيا مغرضا.. قد ينحرف به عن اهدافه ( كما حدث عندنا عندما تبنت حكومة الإسلاميين هوية عربوإسلاموية)  .
وهو يرى بأن الغموض المفاهيمي لتعريف الهوية القومية والثقافية جعلهما حجة تستخدمها غالبا دول العالم النامي لإخفاء فشلها السياسي والإقتصادي ، وهي غالبا تستخدمها كسلاح نفسي تصنع به حاجزا نفسيا وثقافيا ضد المجتمعات الغربية وثقافاتها التي لا تتشدد هوياتيا.. وتتيح لأفرادها بأنماط مستقلة من الهوية ( كالهوية الفردية ، والهوية الجنسانية إلخ..) .
كما أن المجتمعات الغربية أغلبها متسامحة في هذا الشأن ولا تغلق هوياتها في وجه الآخرين. 
،،،،،،،
مسألة جعلوا منها مشكلة :
.. فاستعصت عن الحل لمن اخترعها :
المشكلة أن هروب النخب السودانية بعد الإستقلال من هوية السودان الأفريقية جغرافيا وتاريخيا.. وتغربهم عنها وميلهم كل الميل ناحية الثقافة العربية ،هو ما أوجد جدل الهوية هذا من الأساس ..
ثم بعد فوات الأوان.. وبعد أن أدركوا خطأهم في تبنيهم لثقافة أحادية تسببت في سلسلة من الحروب الأهلية ، فكروا وتدبروا ثم صنعوا لنا سلسلة من الهويات الأخرى ، ولكن ثنائية هذه المرة :
وصار كأنما قدرنا ان نعيش في ثنائيات وهمية : غابة وصحراء ، نوبة/عرب ، عرب/زنج ..
إلى آخره من مسميات تعد من قبيل طق الحنك.. الذي لا يعرف عنه المواطن البسيط الكثير ولا يريد أن يعرف عنه.. 
فتجاهلهم للتاريخ والجغرافيا والأنثرلوجيا يجعلهم يدورون في فنجان... مع أن الوطن أكبر من فناجينهم..
فمرة هوية أحادية ومرة ثنائية.. ولما (إحتاروا ).. وعرفوا أن تعدد إثنيات السودان وثقافاته تفوق أوهامهم النخبوية الفنجانية الضيقة.. 
تلقفوا مصطلح  (هوية سودانيوية ) الذي إقترحه القائد الراحل د. جون قرنق من باب (المطايبة السودانية المعتادة) .
تلقفوا مصطلح السودانيوية بلهفة لأنه مريح .. ويوافق هواهم.. وازماتهم النفسية وهروبهم الازلي ، فهو لا يجعلهم أفارقة خلص.. وفي نفس الوقت لا يبعدهم عن حضن (العروبة) الدافئ والوهمي !
حين أن التاريخ الحقيقي للشرق الأوسط.. لا يعتد بوجود أمة عربية ولا بعرق عربي وهمي يمتد ( من المحيط إلى الخليج)  ، وحتى أدبيات حزب أو أحزاب البعث العربي (العلمانية) تهربت من هذه الحقيقة بأن تفتق ذهن مفكريها عن بعث تعريف ( ديني ) لمفهوم العروبة بأن كل من يتحدث اللغة العربية فهو عربي...!!
طيب ليه اللفة دي كلها..  ؟!!
ما الذي جعل العروبة هدف مشتهى إلى هذه الدرجة ؟
إنه الدين يا سادة.. أو مفهوم الدين والثقافة الاسلامية التي انحرفت في مرحلة ما.. من مبادئ إنسانية نبيلة : ( كلكم لآدم وآدم من تراب)  و (الناس سواسية كأسنان المشط ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى )..
إلى تمجيد العروبة القرشية وآل البيت.. 
إلى درجة ابتداع ثقافة إسلامية بديلة ذات صبغة عروبية خالصة ( إسلاموعروبية) في ثنائية مصنوعة أخري ..
جعلت حتى من ميشيل عفلق غير المسلم يبتدع لأمم عديدة ذات ثقافات وأصول متعددة هوية واحدة محصورة و( محشورة)  في الإنتماء لثقافة أحادية ..رغما عن أنف التاريخ والجغرافيا والأنثربولجيا.. 
بل حتى الجيولوجيا هههه!!
لا ادري ما المسألة حقيقة في كونك تحمل جنسية بلد ما من بلدان الله الواسعة.. ما المسألة في كون جوابك على سؤال الهوية ، أن تجيب بكونك سوداني فقط.. أو مصري فقط أو فلسطيني أو جزائري.. مثلا ؟!
فتحوير بسيط في مسمى الهوية من سودانية الي ( سودانوية)  رغم مطايبته ..إلا أنه يحول النسبة من هوية قومية وطنية الي مسألة أخرى ..ضبابية. 
فتخيلوا معي ، أن يسالك أحد الأجانب عن هويتك فتجيب : هويتي سودانوي !
او أن تسأل انت مواطن جزائري مثلا عن هويته ، فيجيبك : هويتي جزائراوي !
فالجنسية الوطنية مفترض أن تحسم هذه المسألة الشائكة ، ومن ثم الانتماء القاري.
اعتقد أن عادة المطايبة السودانية ..في توصيف مسائل خطيرة كهذه تؤدي إلى ضبابية لطالما عانينا من آثارها ، وفرخت سلسلة من الحروب الأهلية . فعدم حل المسائل المصيرية يحول الأمر من محاولة (حل مسألة ) الي صنع مشكلة قادمة أخرى تستعصي عن الحل والتوصيف .
ثم قد يتفرغ النخب لعقود قادمة أخري في توصيف ومحاولة شرح مصطلحات..وتحوير مصطلحات..تؤدي إلى تفريخ مزيد من المصطلحات .
وفيما نحن ونخبنا لا نزال مشغولون بطق الحنك في جدال لا ينتهي حول الهوية.. 
نجد في العالم الحر تيارات عصرية تنادي بنظرة حداثية إلى تعريف الهوية ، بل وتدعو إلى إلغاء الهوية الوطنية أو القومية !
صراع الهوية على المستوى العالمي :
تعالت دعوات أنصار الهوية العالمية ، بعد تفشي نظرية ثنائية عالمية (هذه المرة ) ألا وهي حتمية تضاد أو عدم تناظر ( العالم الغربي ، والعالم الشرقي) ، والتي من منظريها الأكاديمي الأميركي صامويل هنتغتون ، والتي تمثلت نظريته في حتمية تصادم وصراع الحضارات. 
ورغم وجاهة نظريته ، خاصة أن لها الكثير مما يدعمها من شواهد وأحداث في عالمنا اليوم ، إلا أنها جوبهت بنقد منهجي فكري وعلمي تاريخي يستند على إستحالة رسم مسار محدد لحركة التاريخ في نظرية جامدة ، فحركة التاريخ متجددة ولا تأبه للتضادات على المستوى العالمي ، ولا تعرف الحدود الثابتة بين الثقافات خاصة في زمن العولمة ، ونهاياته مفتوحة على كل الاحتمالات ، فالحضارات والثقافات المعاصرة تتلاقح بنمط متسارع لم يسبق ليه مثيل..خاصة مع التقدم التقني.
فما الذي قد نفهمه ونستوعبه من هذا على المستوي المحلي ؟
* المقال قد يعد مساهمة مني في طق الحنك المثقفاتي.. 
* مالك شبل المذكور في المقال : جزائري فرنسي ، مفكر و فيلسوف وباحث أكاديمي في الأنثرولوجي والتاريخ ، وكان من المنادين بحوار الأديان.
له عدة مؤلفات أهمها : تكون الهوية السياسية .
آمنة أحمد مختار أيرا
27 may 201