الصفحات

السبت، 10 نوفمبر 2018

دعارة سلطة.. أم دعارة مواطن ؟!!


أجد نفسي قد سئمت تماااما.. حد القرف .
من تلك الأخبار التي صرنا نطالعها كل يوم في الصحافة الورقية والألكترونية ، والتي تحمل عناوين علي شاكلة ( القبض على شبكة دعارة ) ..هنا.. أو هناك ..!!
أخبار كأنها تكتب وتنشر بلا مبالاة.. وباعتيادية...
وكأن فضح الناس والتلذذ  بالتشهير بهم صار أمرا عاديا في مجتمعنا.. الذي صار لا يرحم ولا يبالي بتدمير سمعة أفراد بل أسر كاااملة !!
هذا المجتمع الذي - رغم تنوع ثقافاته وثرائها - إلا أنه كان مؤمناً بمنظومة قيم (السترة ، والتسامح ، والتغاضي عن زلات أفراده الشخصية.. بل والصفح الجميل وكذلك النصح الشفوق ) .. لا (التشهير والفضح.. والتلصص على خصوصيات الناس.. وتتبع زلاتهم بكثير من التلذذ والتشفي.. ) !!
فما الذي جرى لنا إذن ؟!!
أين ذهبت تلك القيم والمفاهيم الإسلامية التي تربينا عليها مثل (عدم تتبع عورات الناس ، وعدم الترويج للرذيلة  وإشاعة الفاحشة ..وكل هذه القيم التي تندرج تحت بند فقه السترة)  ؟!
وكيف لنفسٍ سويةٍ أن تقرأ وتتبع هذه الأخبار ، بل وتعيد نشرها في مجموعات التواصل الإجتماعي.. دون أن تتأذى نفسياً ويصيبها السقم ؟!
ألا يدرك هؤلاء أن سياسة السلطة ونظامها العام في هذا الشأن هي سياسة ( إلهاء ، وغيبوبة ، وإرهاب) ..؟!
فليقل لي هؤلاء المتأسلمون : هل هذه سياسة إسلامية أو نهج إسلامي ؟!
ألم يطلعوا على التراث الاسلامي المدون في هذا الشأن ، في أحكام الحدود وصعوبة إثبات الزنا.. ونبذ التجسس والتحسس ..
وكذلك قصة الخليفة عمر بن الخطاب مع تلك الاسرة التي تجسس عليها.. ثم ندم وأعتذر ؟!
أليست هذه دعارة سلطوية.. تعطي نفسها الحق في إقتحام بيوت الناس.. وترعب الناس في الشوارع وتهددهم بالفضيحة.. وتوحي لهم بأنهم جميعا في نظرها متهمون ومذنبون .. 
وتوحي لكل فرد بأنه مشروع فضيحة تسعى على قدمين ؟!
إن الترويج للفضيحة هو في حد ذاته فضيحة لهذه السلطة ونظامها العام المدعى .
فهل فرغت سلطة المتأسلمين هذي.. من أن توفر للمواطن التعليم والعلاج وسبل العيش الكريم... وصانته من ذل الحاجة والعوز حتى تمنح نفسها الحق في فضحه ومحاكمته في محاكمها الجائرة.. التي إن سرق فيها الضعيف أقامت عليه الحد.. وإن سرق فيها السلطوي منحته حق التحلل من أموال الناس.. هذا المال العام الذي يهدر هدرا (في الفوارغ) .. حين كان يمكن أن يصون المجتمع من ذل الحاجة والسؤال وبيع الكرامة رخيصةً على قارعة الطرق .
وهل هذا هو مفهوم سلطة المتأسلمين للأمن ؟!
وهل (أمن المجتمع) في مفهوم هذه السلطة هو تهديد وإرهاب أفراده بالفضيحة والتشهير بزلاتهم.. أم توفير حياة كريمة تغنيهم عن الخيارات المرة.. التي يفرضها عليهم العوز والجوع والمرض ؟!
شخصياً لا أوجه اللوم الأساس بهذا الخصوص لسلطة المتأسلمين وأذرع قمعها المتعددة التي تحمل مسميات وهمية عدة (من بسط الأمن الشامل إلى النظام العام إلى أمن مجتمع إلى آخره .. ) من مسميات خاوية.. وأجهزة أسست أصلا لإرهاب المواطن وإذلاله ومطاردته ومراقبته ومعاقبته على ممارسات لم تتزايد وتبرز بهذه الصورة إلا في هذا العهد البئيس.. الذي شهدنا فيه أنواااع وأنواع من أوجه الفساد والإفساد الممنهج مما قد يشيب له شعر الولدان !
بل أوجه اللوم في المقام الأول : لذلك المواطن الذي تماهى مع هذا النظام.. وصار يروج لما يريد له النظام ترويجه ، فصار أداةً أخرى للنظام بعلمه أو بغير علمه..
فصارت المحاكمة محاكمتين : سلطوية لا ترحم.. وشعبية تتلذذ بالتشفي !
فرجاء رجاء ، إرحموا فم جائع.. ومريض لا يجد ثمن علاج.. وطفل لا يجد كوب حليب.. وتلميذ رث الملابس ممزق الحذاء لا يجد ثمن كتاب .
وعندما توفر هذه السلطة للمواطن كل إحتياجاته من مصدر رزق شريف ، ولقمة طعام ، وتعليم وعلاج مجاني.. 
حينها حاكموا من زلت قدمه .
وكما ورد في القول المأثور :
عجبت لمن لم يجد قوت قومه.. كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه ..
آمنة أحمد مختار أيرا 
26 Mar 2018
hopenona7@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق