الصفحات

السبت، 10 نوفمبر 2018

الإيمان الصاخب.. الإيمان الضاج!!


الإيمان الصاخب والضاج ..
والمعبر عنه عبر مايكروفونات تضخيم الصوت..
هل هو معبر عن يقين فعلي ..أم فقط محض ضوضاء إجبارية.. هدفها إزعاج البشر داخل بيوتهم وإقلاقهم واشعارهم .. بالذنب  ..؟!
الذنب تجارة الكهان الرابحة تلك التي لا تخيب عبر الدهور ..!!
وإلا ما المعنى وما المغزي الحقيقي الذي يتبارى أصحابه في جعل صوت نداء القيام للصلاة مزعج إلى هذه الدرجة ؟!!.. حين هم يعلمون علم اليقين أن في الأمر بدعة تكنولوجية حديثة لم يكن لها أثرا في عهد الرسالة الأول والنقي..
حيث كان سيدنا بلال وحده يشق صوته الشجي السحر ويتسلل إلى الأسماع..
بلا أية إضافات تكنولوجية تصم الآذان.. وترعب بصوتها المعدني ذي الصرير المزعج طفل رضيع غض أعصاب ومكونات الأذنين ..وقد توقظ مريضا طريح الفراش ..فتجعله يتقلب ألما رغم ما قد جعله الأطباء يتناول من مهدئات..
ولا تراعي كذلك كل مصاب بحساسية الإذن.. أو غيرها من علل قد يفاقم من حدتها هذا الإزعاج اليومي الإجباري والسادي .
بل قد تشعر أحيانا أن المؤذن ينتهرك بندائه (بنوع من الغتاتة لدرجة تجعلك تتخيله وهو صاري وشه ومكشر ) !!
ألا يمكن للتعبير عن الإيمان أن يكون هااادئا سمحا كسماحة تحية الإسلام  ؟!
فلماذا وجب وتوجب أن يكون التعبير عن الإيمان ضاجا وصاخبا.. بل ومترصدا ومراقبا للخلق.. إلى درجة ( الحشرية)  بين العبد وربه..بين الإنسان وخالقه.. بين البارئ الصانع وما أبدعت يداه من كون وكائنات.. ؟!
لماذا تحتم أن يظن البعض في أنفسهم الكمال التام.. والتنزه التام.. وكذلك إفتراض الإيمان التام وبالتي تمييز أنفسهم عن خلقه.. وجعل أنفسهم غير المنزهة حكما على الورى..
حين أن ( لا كهنوتية)  في الإسلام.. ؟!!
بل أن بعض هؤلاء الكهنوت المبتدعين أعطوا أنفسهم حق إذاعة الصلوات كاملة بالمايكروفون ، وكذلك التراويح والتهجد !
فما الغرض من ذلك يا تري ؟ ...فهل يريدون منك أن تصلي خلفهم من على البعد.. ؟
أم غرضهم فقط التشويش على صلاتك وتبتلك واختلائك بربك بين جدران بيتك ؟!!
  قال تعالى :
(فُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ) .
وقال ابن القيم الجوزي في مؤلفه تلبيس إبليس: (وقد لبس إبليس على قوم من القراء فهم يقرأون القرآن في منارة المسجد بالليل بالأصوات المجتمعة المرتفعة الجزء والجزئين فيجمعون بين أذى الناس في منعهم من النوم وبين التعرض للرياء).
حقا ، أرى أننا نحتاج هنا أن نقف وقفة مع أنفسنا..
وأن يحاول كل منا أن يتتبع أثر ( الرياء)  في قلبه ..
وأن يخلص التوجه لخالقه وبارئه وصانعه.. صدقا لا رياء ولا تصنعا ولا استعراضا.. ولا أن يجعل من نفسه حكما وميزانا ومسؤولا عن إيمان الآخرين .
فكل نفس بما كسبت رهينة
ولا تزر وازرة وزر أخرى..
ولن يكون أحد آخر بمنجيك عن الحساب أو ينوب عنك..
فكل منا آتيه يوم القيامة فردا..
فذلك يوم يفر المرء من أمه وأبيه وصاحبته وبنيه.. وفصيلته التي تؤويه  ..
فباختصار...( كل شاة معلقة من عرقوبها)  ..والخلاص فردي وما أنت بمنج أحد (بالعافية) .
ولو كان الإيمان إجباريا لأجبر سيدنا محمد ( صلعم)  أهل بيته من أعمامه.
فاخفض صوتك واخشع في حضرة بارئك.. واسجد وأقترب.
فالهدف القرب وليس التنطع والضوضاء.
و(لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) ..
وأن أول دعوانا فيها سلام.. وآخرها سلام..
وقد نهى ديننا عن العجب والكبر والخيلاء في الدين .
والإيمان الحقيقي ما وقر في القلب وصدقه العمل ، فليس بوسع أحد الإعلان عن إيمانه بتطويل اللحي أو تقصير جلبابه أو إسدال عبائته حتى لا تبان منه سوى عينيه.  فالإيمان ليس مجرد مظاهر ومافي القلب لا يعلمه سوى المطلع على السرائر.
فحبذا لو تفرغنا لتزكية أنفسنا..بدلا عن الإنشغال الدائم بالناس ، فذلك لعمري هو الجهاد الأكبر كما قال رسولنا الكريم.
ودعوا الخلق للخالق ، فالحرام بين والحلال بين ، ولا كهونتية في الإسلام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق