- ظواهر مجتمعية جديدة.. طرأت على السطح..
ربما كانت متواجدة قبلا ، ولكن يبدو أنها قد استشرت حاليا.. وصار لها رواج.. وكذلك نظام وشروط من نوع ما ..
في بداية الألفينيات.. حضرت وطليقي ( ربنا يطراه بالخير) إلي العاصمة المثلثة ، وكعروسين جدد ، كنا نرتاد فنادق ومطاعم العاصمة ..من قبيل التنزه وكذلك كفرصة لتلبية الدعوات وملاقاة العائلة الممتدة والأصدقاء.
أذكر أن طليقي الذي لم يعش في السودان قبلا ، كان يسألني دون كلل : ألا تلاحظين أن معظم الرجال في هذه الأماكن التي نرتادها هم من كبار السن الذين يبدو عليهم الثراء.. حين أن رفيقاتهم فتيات صغيرات وجميلات ؟!!
وبما أني قد درست جزء من دراساتي في العاصمة أواخر تسعينات القرن الماضي ، فلم يكن الأمر مستغربا بالنسبة لي كثيرا..
فلقد سكنت في داخليات ..وخالطت المجتمع العاصمي وكذلك افراد من شتى بقاع الوطن ، واطلعت على بعض ما سببته ما تسمي ب(ثورة التعليم العالي) ، وكذلك كارثة ما يسمى ب(الصندوق القومي لدعم الطلاب) ..والذي كنا نسميه تهكما : بصندوق نهب الطلاب .
وكذلك عاصرت تداعيات كارثة إلغاء مجانية التعليم التي سنها المستعمر الأجنبي .. ويا لسخرية القدر.. ثم أتى وألغاها المستعمر الوطني..!!
وكذلك ، كنت مطلعة على بعض سياسات وشروط توظيف الخريجين والخريجات.. وسياسة التمكين لذوي الولاء.
التي جعلت حصول الخريجين والخريجات على عمل شريف أشبه بالمستحيلات .
(وهذا مبحث يحتاج وحده إلى ملجدات لدراسة آثاره السالبة على أجيال بأكملها وليس مجرد مقال مختصر كهذا ) .
لذا، فلم يكن هذا المشهد العجيب مستغربا كثيرا بالنسبة لي.
خاصة أن التودد للصغيرات الجميلات صار شائعا في بيئة هؤلاء الأثرياء الجدد .
بل ظهرت موضة تعدد الزوجات..بل تغييرهن كما يغير الثري جلبابه أو رباط عنقه.
هذا إن تزوجوهن أصلا..
.......
المهم ، يبدو أنه مع استشراء هذه الظاهرة..
إضافة إلى تفشي العطالة وصعوبة الحصول على عمل شريف.
تبدت وانتشرت ظواهر أخر ..
لن أتحدث عن تفشي معاقرة الخمور بأنواعها كظاهرة.. فهذه تعتبر عادة سودانية عريقة ، فكما يقال وكما عرفنا : ان المجتمع السوداني مجمتع ( شريب) بطبعه..
وتراثيا ، توجد لائحة من المشروبات القوية وتلك الخفيفة التي تعاقر حتى في المناسبات والأفراح والأتراح.. بل والطقوس والأعياد الدينية ك(الكشربوت والمريسة) علي سبيل المثال لا الحصر.
والتي يعتبر بعضها نوع من الغذاء بالنسبة لمجموعات سودانية عريقة .
بل حتى أن تعاطي أنواع من المكيفات القوية كالبنقو والتمباك.. كان ولا يزال عادة سودانية قديمة.
الجديد هو : تفشي تعاطي هذه المكيفات على نطاق واسع وسط الشباب من الجنسين.
إضافة إلى وفود أنواع مستوردة يتم إدخالها بحاويات ضخمة عبر الموانئ وعبر التهريب .
والهدف غير معروف : فقد تكون خطة ممنهجة لاغراق الشباب العاطل واليائس في بحور من الإدمان ..ومزيد من الضياع وفقدان الهدف..!!
المهم ، دعونا نحاول أن نستجلي الظاهرة الأخرى.. التي صارت تفصح عن نفسها عبر عبارات شبابية ساخرة..
وهي ظاهرة تبدو عكس المعتاد في ثقافتنا من إقتران الرجل كبير السن بفتاة صغيرة قد تكون في عمر بناته أو أحفاده..
وهي الظاهرة المعروفة في الغرب ب(Sugar daddy) .
ولكنها نوع آخر.. وهو أيضا رغم أنه معروف في الغرب ولكنه ( محدود) كظاهرة الشوقر دادي.
ألا وهو ظاهرة ال( Cougar) عند الأمريكان الشماليين تحديدا.
وهي عندنا قد تعني المرأة كبيرة السن أو الناضجة التي تسعى خلف الشباب لأسباب شتى..أو يسعي خلفها الشباب..
لعدة أسباب قد يكون من ضمنها :
الملل ، وقد يكون غياب الزوج لأي سبب من الأسباب ، وقد يكون لانشغال الزوج بمطاردة الصغيرات ، أو نسبة لصعوبة تكاليف الزواج ، وقد يكون( الحب) أيضا ..فالقلب أحيانا له شؤون وشجون..
وكذلك الأمر بالنسبة للشاب.. فغالبا يبحث في هذا النوع من العلاقة.. على نفس ما تبحث عنه الشابة :
الرفقة ، الرعاية المادية ، الإشباع الغريزي.. بل أحيانا الإرتباط الجاد ..وربما الحب..أيضا كما أسلفت.. ؟!
وكتجلي لهذه الظاهرة ، انتشرت أغنيات وعبارات شبابية تمجدها ، بل حتي صارت عبارات تكتب على ظهر ( الركشات) :
- الخالة الما بتقول لا لا..
- البباري الخالات بركب ستة عربات ..
- خالة شايلة جنا.. ولا شابة واقفة قنا ..
...ألخ
وصار حلم بعض الشباب أن يعثروا على خالة مقتدرة لترحمهم من رهق العطالة والفلس المقيمين..وربما تدفع بهم وبطموحاتهم قدما..
فهل لم يعد للحب المجرد مكان في عهد( الإنقاذ ).. أم هذا حب عصري مواكب للظروف والمستجدات ؟!
فتأملوا معي يا سيداتي وسادتي !
وقد كان هذا تعليق أحد الأصدقاء على هذا الموضوع :
( تعرفي يا آمنة مرات الحب بيطرق الأبواب دون إعتبار أشياء كثيرة مثل العمر الحالة الإجتماعية ,مثل أن يكون أحد طرفي العلاقة متزوجا , كذلك التوافق الوجداني ..
هذا الأمر يأتي كهبة من الله ومن الصعوبة بمكان مقاومته ، ويظل الشخص في صراع مرير بين عقله وقلبه , ولا رأيك شنو ؟؟؟ ) .
نعم يا صديقي ، فالحب لطالما كان شأنا ربانيا.. وأمرا كيميائيا ..
وحاشا أن أعترض على ذلك..
ولكنها مجرد تأملات فقط ..وملاحظات هنا وهناك.. أحببت أن أشاركها .
خاصة أن هذه الظاهرة باتت تناقش بصورة ساخرة حاليا.. على مجموعات التواصل الإجتماعي النسائية.. وتلك الأخرى المختلطة .
وكذلك انتشرت بشأنها أغنيات شعبية ..
آمنة احمد مختار أيرا
21 Mar 2018
hopenona7@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق