الصفحات

السبت، 24 مارس 2018

كما تدين تدان.. Don't Judge


    نبهني أخ صغير وحكيم ، إلى أن مقالي الأخير بعنوان ( الخالة الما بتقول لا لا...و Sugar daddy ) .
    قد يكون فيه حكم على الآخرين وخياراتهم ..معاذ الله .
    وحقيقة..قد كان لشخصي الضعيف باع طويل في الحكم على الناس وعلى أخطائهم بل وخياراتهم ..ولكني مررت بعدة تجارب وامتحانات جعلتني أقلع عن هذا الطبع الذميم وأن أركز على مراجعة نفسي والتعلم من تجاربي وأخطائي ، وأن أحاول ايجاد العذر للجميع في كل خياراتهم وأخطائهم ، فمن منا كامل من.. ؟!
    خاصة أنني قد نشأت في بيئة رغم أنها لم تكن مفرطة التقليدية والمحافظة إلا أنها كانت مفرطة الحماية . ولكن الإفراط في الحماية في حد ذاته قد يكون معوقاً ومانعاً للتجارب والتعلم من الأيام ، فكل تجربة قد تكون مفيدة رغم قساوتها كما نعلم .

    ظننت أن مقالي السابق قد يكون مجرد عرض وتأمل لظاهرة إجتماعية طرأت على السطح ..
    بسبب اليأس والوضع الحالي الضاغط للشباب وللجنسين من كل ناحية سياسية كانت أو إقتصادية أو إجتماعية على حدٍ سواء.
    فنحن الآن في مجتمع قد تصعب بل قد تنعدم فيه كثير من الخيارات .. والناس فقط يحاولون البقاء والتأقلم حسب الغريزة البشرية .
    فمنهم من يحاول التغيير الإيجابي بصبر ودأب ودون كلل.
    ومنهم من سئم الوضع.. وفقد الأمل.. وبالتالي صار يحاول الهجرة بقدر الإمكان .
    ومنهم من لم يجد بدا ولا مناص ولا مهرب سوى.. محاولة التأقلم عبر الطرق التي يعتبرها أقل مقاومة ..
    ومنهم من إختار الخوض مع الخائضين.. والإفساد مع الفاسدين والسرقة مع السارقين..

    والسؤال الذي قد يُطرح هنا :
    ماهو الفاصل بين النقد الإيجابي للظواهر.. وبين النقد القاصر وربما المتعالي ؟!
    وأعتقد أن الجواب يكمن في الدراسة المتأنية.. والتأمل الممنهج .
    فالمجتمعات عبارة عن أوعية تضم كائنات تسعى.. وفي سعيها النبيل هذا تنشد التطور الإنساني .. وهي كأوعية بشرية لا يمكن أن تخفق إخفاقاً جماعياً.. إلا في حالات نادرة وفي ظروف معينة..
    ولكن دأب المجتمعات هو الغربلة في سبيل هذا التطور..
    غربلة ما نسميها الظواهر وأيضا المعتقدات والتقاليد ، وقد تخفق المجتمعات حينا.. ثم تستجمع أنفاسها وتهرول تجاه المستقبل..
    هذا المستقبل الذي قد يكون نسخة منقحة عن الماضي بكل تجاربه وإخفاقاته..
    ولكن المجتمعات المنغلقة والممعنة في الرجعية قد تخسر هذا السباق.. حتى لو تضررت ..أو تعذب وعانى أفرادها مر المعاناة.

    منذ كارثة إنقلاب الإنقاذ واستيلائه علي السلطة والبلاد والعباد في لحظة شؤم تاريخية ..
    إدعى أنه يحمل الخير العميم لنا.. بل يبشرنا حتي .. ب(الجنة )..وليته بشرنا بجنة أرضية فقط.. بل قد كان جريئا وطموحا كفاية لدرجة تبشيرنا بجنة الله العليا التي لا يملك مفاتيحها ولا يملك عقد ملكيتها..ولا أحد منهم كان خازنا لها ( لحسن الحظ) ..
    ونسي أو تناسى في غمرة دروشته تلك أن ( الخلاص الديني فردي) ..

    وليته قد اتعظ او تعلم مما جرته سياساته من فساد وإفساد يتلبسان مسوح ( الإصلاح والإنقاذ ) طوال هذه العقود كلها.. ولكن هيهات ان يتعلم من ذاق طعم الدم.. وهيهات أن تثمر شجرة الزقوم سوى العذاب والبؤس والتفنن في التنكيل بالوطن والمواطن والتضييق عليه في كل مسعى و(العكننة ) عليه في كل متعة .
    حين نجد أن هنالك دول وحكومات تتفنن في كيفية توفير الرفاه والسعادة لمواطنيها..
    الى درجة إنشاء وزارة ( للسعادة ) ..!

    فكل الحقوق الإنسانية.. وكل آمال البشرية يمكن أن تُجْمَلَ في عدة كلمات ( الحرية ، الأمن ، الرفاه .. والسعادة ) ..فالإنسان يستحق ذلك.. ويستحق بهجة الحياة .
    و..
    ( كما تدين تدان) ..

    آمنة أحمد مختار أيرا
    24 Mar 2018
    hopenona7@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق