حميدتي، وقومه..
( ركابين عقيد الخيل شرابين لبن ألبل ).
هذه الأيام تراودني أحاديث جدتي (زهرة) تلك المرأة البدوية القوية الحنون النبيلة، لماذا لا أدري!!
هذا رغم أنها غابت عن أحلامي لفترة، وقد كنت أحلم بها كثيرا .
ربما هي لهجة حميدتي التي كانت تشبه لهجتها،لكن لهجتها كانت (أكثر عراقة وبدوية) ومحببة للغاية ..
حتى أنني لا أستطيع مغالبة التحسر كلما فقدت أحد كبار السن من أهل أمي، نسبة لخشيتي على لهجتهم الجميلة المميزة من الضياع .
فالأبناء والأحفاد ولدوا في المدن ..وفقدوا اللهجة وصاروا يعبرون ويتكلمون بلهجة أهل المدن الهجين التي أخذت من كل لهجات الوطن وصار لها طابع مديني خاص ..
على حسب المدينة المعنية وموقعها من جفرافيا الوطن طبعا .
من أهلي من الجهتين تعلمت الكثير .
فدعوني أعرفكم ما عرفته عن الرزيقات تحديدا..وتحديدا الأبالة منهم ،فهم الذين عرفتهم عن كثب من قبائل الغرب، وتشربت كثيرا من طباعهم ولكن تعلمت القليل عن ثقافتهم بحكم بعدي عن موطنهم في شمال دارفور.
هؤلاء بدو رحل لا يعترفون بالحدود ، نشاطهم الإقتصادي الرئيسي هو الرعي، يسعون خلف ماشيتهم أينما سعت لتوفير المراعي لها .
وهم ليسو عدوانيون، إلا عندما يستفزون أو يقترب أحد من ماشيتهم ، ومعظم حروبهم كانت حول الماشية والمراعي الشحيحة في السافنا الفقيرة وشبه الصحراء .
ولديهم تراث هائل يتناقلونه جيل عن جيل عن طريق الشعر الذي يبرعون فيه، وكذلك الأحاجي البدوية الساخرة..ولكن عامرة بالحكمة الملغزة .
هذا التراث الذي يحفظونه معظمه يدور حول الحروبات العظيمة التي واجهوها ، سواء كانت بين جيرانهم المستقرين أو بقية الرحل .
وبقية الرحل هؤلاء هم ما يسمى بعرب دارفور وكردفان ، والذين يطلق قسم كبير منهم على أنفسهم لقب (العطاوة) . وحقيقي مؤخرا ندمت على أنني لم أستفسر منهم عن هذه الجزئية بالذات . كيف قبائل كبيرة كهذه عند الحروب الكبرى التي تواجهها (تفزع) وتتحد مع بعضها بزعم الأصل العطوي ..ومع ذلك ورغم ذلك كثير من خلافاتهم وحروبهم كانت ضد بعضهم البعض ..بسبب الجهل والجفاف وضيق المراعي ، وكانوا يموتون سنويا بسبب هذه الحروب القبلية الصغيرة .. ولا يهتم بهم أحد إلا نادرا..
ولطالما استفاد ما يسمى بالجيش السوداني من روحهم القتالية فجندهم في صفوفه .
ولطالما استغلتهم الطائفية والحكومات المتعاقبة لخدمة أغراضها الخاصة ..نسبة للفقر وتفشي الجهل ونقص التعليم النظامي وإنعدام التنمية في مناطقهم ..ولعدم استقرارهم أساسا ..فهم قبائل رحل يتبعون الماء والكلأ .
كانوا رعاة إبل في الأساس..ثم تحول الكثير منهم ومن أبناء عمومتهم في جنوب كردفان ودارفور إلى رعي البقر أسوة بجيرانهم من المجموعات القبلية الأصلية، فسمي من أحتفظ منهم برعي الأبل ب(الأبالة ) ومن تحول منهم إلى رعي البقر ب(البقارة ) .
عاصمة الرزيقات الرسمية هي (الضعين ) التي ظعن فيها أجداهم .واختاروها في قصة شهيرة حكاها لنا خالي ، وتتلخص في أنهم أرادوا منطقة آمنة يظعنون بها ..فأشار لهم أحد الشيوخ برمي البرمة في الاتجاهات الأربعة ..والجهة التي تستقر فيها البرمة ستكون هي الآمنة والطيبة للإقامة، ففعلوا .
والضعين هذه يتركز فيها الرزيقات البقارة .
أما الرزيقات الأبالة في الشمال لطالما كانوا يتبعون إداريا ل(كتم ).
المصدر( الخال إسماعيل هندوسة).
وكما ذكرت أن معظم حروبات الرزيقات كانت تدور بينهم وبين بني عمومتهم ..بل أحيانا بين بعض فروع الرزيقات أنفسهم ، وهم بذلك لا يختلفون في هذا التهور عن باقي مجموعة قبائل العطاوة.
كما شهدنا قبل سنوات حرب فرعين من المسيرية مع بعضهم البعض .
وكذلك حرب الرزيقات مع الزيادية ..والرزيقات مع المعاليا ..وهكذا
ثم تعقد لجان الصلح وتنحل المشكلة حسب أعرافهم البدوية العتيقة (ثم تدور تاااني)..
وكذلك كانت لهم معاهدات مع سلاطين وزعماء شيوخ القبائل الدارفورية مثل الفور والمساليت والزغاوة وغيرهم .
وكان معظمهم يدين لسلطان دارفور بالولاء، وحكوا لنا عديد من حكاياتهم مع سلاطين الفور .
وهنالك حرب عظيمة جدا خلدت في وجدانهم وخلدوها عبر أشعارهم وأحاجيهم التي حرصوا أن يلقونها لها، ولكن لأننا لم نفهمها ولم نراها منطقية ..فلم نلتقط منها الكثير .
وهي حرب مع سلطان تونس !!
أما حربهم العظيمة الأخرى والتي خلدوها في أشعارهم وتراثهم وحرصوا أيضا على أن يحكوها لنا ويحفظونا أشعارها، فهي حرب تعرف بحرب (ناقة فني ).وهي حرب بين سلطان قبيلة خزام وبين مجموعة قبائل العطاوة.
وهذه لا أتذكر منها سوى قليل من التفاصيل وبضع أبيات شهيرة ..وهي أبيات الفزعة..عندما تنادت قبائل العطاوة لنصرة بعضهم البعض .
ولحسن الحظ وجدت توثيقا لها في بوست في سودانيزاونلاين بعنوان :
(قصة ناقة " فني " في السودان (البسوس السودانية) كما الأساطير..).
من هذه الأبيات :
و عندما رد (فني) على سلطان خزام مفزعاً عشيرته :
الساير عطية و المقيم حماد
و الدخان البتلتل داك راشد الولاد
الناقة أبتمشي بيها وين يا الخزامي الداج؟
و عطيه هم أبناء عطية و هم (رزيقات ومسيرية وحوازمة).
و حماد هم أبناء حماد ( أولاد حميد و تعايشة وهبانية وبني سليم ).
و راشد هم أبناء راشد و جميعهم أولاد جنيد.
فرد عليه الخزامي :
كان تلمو جنيد و مجنود
و أخوكم السلامي المعتوق
كور الغنم ما بقابل جبين الدود
يعني ( لو إجمعتم "جنيد " هو جد المجموعة الجنيدية المشار إليها أعلاه وأخيه " مجنود " هو جد الشكرية والكبابيش والحمر وبني جرار ، و " سلامة " هو جد السلامات)، فهنا تحدى السطان شرنقو سلطان قبيلة خزام (عبد الله العريقي فني) الذي استنجد بأبناء عمه الجنيديين (أبناء حماد وعطية وراشد) فزاد عليهم السلطان شرنقو أبناء عمهم (مجنود)،وشبههم جميعا بقطيع الأغنام الذي لا يستطيع مقابلة الأسد ويعني بالأسد هنا قبيلة خزام .
وهكذا دقت نذر الحرب التاريخية وإنطحن الأعراب طحنا في سبيل ناقة !!
* من هم العطاوة ؟
الساير عطية والمقيم حماد
والنقارة البتدقدق راشد الولاد
هم مجموعة من القبائل التي تتحدث العربية يدعون أنهم من نسل الشيخ الجنيد، ويدعون أن للشيخ خمسة أبناء وبنت واحدة، أشهرهم : عطية، وحماد، وراشد.
فى تعريفهم لأنفسهم فى كثير من الأحيان يقولون بأننا عطاوة ، وحينما يتنسب الفرد إلى العطاوة بديهياً تخطى مسمى القبيلة التى ينتمى إليها إلى مسمى مجموعة أوسع وهي العطاوة .
كل قبائل العطاوة (الأبالة، والبقارة)، فى الأصل قبائل تدعي أنها من جهينة، رعوية تدفقت إلى السودان عبر ثلاثة محاور :
عن طريق النيل مع حملة القائد عبد الله بن أبى السرح(حسب المصدر!) .الجزء الآخر ذهب بمحازاة الساحل المتوسطي ليغزو تونس والجزائر وليبيا والمغرب، ثم لاحقا دخل جزء منهم شبه جزيرة آيبريا مع غزوة القائد طارق بن زياد. هذه المجوعة الأخيرة انحدرت من تونس إلى منطقة ودّاى (تشاد الحالية)، وأسسوا نظارات وأحلاف قبلية كبيرة حتى يومنا هذا . من هاتان المجموعتان : المجموعة التى دخلت جنوب الصحراء عن طريق تونس ، وتلك التى دخلت عن طريق نهر النيل. الأخيرة نزحت غربا لظروف ضيق المرعى فى الحزام النيلى.
تجمعت تلك القبائل فى مناطقها الحالية وأسست أحلافا قبلية لحماية وجودها .
مع تأسيس تلك الأحلاف، ظل المحور الأساسى للقبائل هو السائد .. كقبائل الحوازمة مثلاً لديهم أحلاف قبلية كبيرة مع النوبة وآخرين..وهكذا بالنسبة لكل قبائل العطاوة.
المصدر (بريمة محمد آدم ).
وفي تاريخهم عندهم حرب شهيرة مع ملك تونس ، ويقال أن معظم أسلاف فروع القبائل العربية في دارفور وكردفان شاركت فيها ..ولا زالوا يتناقلون سيرة بطولات هذه الحرب وأشعارها وأهازيجها أبا عن جد .
المصدر( الجد محمد هندوسة).
وقد عدد بريمة محمد آدم في بحثه( العطاوة وإخوانهم)، قبائل العطاوة إلى تسعة مجموعات رئيسية إضافة إلي فروع صغيرة :
١- الرزيقات
٢- التعايشة
٣-الهبانية
٤- بني هلبة
٥- المسيرية
٦-،الحوازمة
٧-السلامات
٨-أولاد حميد
٩-بنو سليم
بالإضافة إلي قبائل أخرى صغيرة: التعالبة، الحوطية، الترجم، بنى خزام، البشير، بنى حسين، العياتقة، التمباب، زنارة وغيرها .
المصدر (بريمة محمد آدم، العطاوة وإخوانهم ).
(مع بعض التدقيق والمراجعة ).
وأكبر هذه المجموعات القبلية هي الرزيقات والمسيرية.
( المسيرية يقال أنها أكثر قبيلة أستشهد منها أفراد في الثورة المهدية ) .
والرزيقات من فرط كثرتهم وتعدد بطونهم وأفخاذهم حتى لقبوا ب(عيال رزيق هين التراب).
المصدر(الخال إسماعيل هندوسة).
ويقال أن للشيخ الجنيد خمسة أبناء وبنت واحدة، نزح بعض أبناؤه الى شمال أفريقيا تونس وليبيا ..ومن ثم هبط بعضهم إلي غرب السودان، وتفرق البعض منهم في الأقطار المجاورة ليبيا وتشاد ومصر والنيجر ومالي وموريتانيا والمغرب..عديد من دول الصحراء الكبرى !
وجد الرزيقات هو رزيق بن علي الرحال بن عطية بن راشد بن الشيخ الجنيد ( كما يزعمون ) .
ولرزيق أخوين :هم مسير جد المسيرية وعريق جد العريقات، وبعض المصادر تشير إلي أن لرزيق أخ واحد هو مسير وعريق هو إبن عمهم والذي له ابنان هما زبل وزبيلة.
ولرزيق ثلاثة أبناء هم محمود وماهر ونائب.
محمود جد المحاميد ، وماهر جد الماهرية ، ونائب جد النوايبة .
المصدر (إبن خالي محمد شطة ) .
زبلة جاء بالزبلات ونظارتهم الآن بمنطقة كبكابية. زبيلة ومن ذريته جاء العريقات وهم ينتشرون في كل نواحي دارفور ،وبعضا منهم في تشاد، ولهم أربعة خشم بيت (فخذ) هم المناوية وأولاد قرو والدميصات، وموطنهم في مدينة كتم بولاية شمال دارفور وقرية مصري غرب مدينة كتم. وللعريقات تاريخ طويل في منطقة دارفور وتشاد وهم في الأغلب الأعم رعاة إبل نظراً لتوطنهم في المناطق الشمالية من دارفور وهي ما تعرف بحزام السافنا الفقيرة ونطاق الصحراء وشبه الصحراء. الابن الثالث وهو رزيق أنجب الرزيقات وهي قبيلة كبيرة تنتشر في كل أنحاء دارفور، لهم عدد من الأفخاذ وهم:
المحاميد، الماهرية، الشطية، النوايبة، وأولاد زيد وغيرهم .
(الجد محمد هندوسة، وويكيبديا).
* محاولة فهم الطباع العامة لهذه القبائل :
يتميز أبناء هذه القبائل بكل طباع البدو عموما ، ويفخرون بالفروسية ، وكذلك الهمبتة لم تكن عيبا عندهم .
ويصعدون زعاماتهم بالأكثرهم فروسية وجودا ( كون الشخص (أجوادي) أو كريم فخر ما بعده فخر عندهم ..والمرأة منهم تحتقر زوجها وتطلب الطلاق منه و(تشيل حاله) بسبة أنه غير أجوادي ).
ونساؤهم قويات وفارسات وشاعرات ذوات لسان لاذع .
وهم طيبون عموما قلوبهم كقلوب الأطفال ..ولكن عند الحاجة شراستهم لا توصف .
لا يعرفون الخداع ولكن لو خدعتهم فسيمكرون بك مكرا لا قبل لك به.
يمازحونك بذكاء ولطف وطيبة ، ولكن لو استحقرتهم فلن يغفرون لك أبدا مهما تطاول الزمن ..فلو اعتذرت سامحوك كأنما شيئا لم يكن .
يحبون من يحبهم ويكرهون من يكرههم .
ويقدسون الود والصداقة ويحفظون الجميل .
نادرا ما يبادرون بالاعتداء ..ولكن من الأفضل تجنب عداوتهم .
لا يحبون النميمة والقيل والقال ويعايرون من يفعلها ..وكذلك يصدقون كل ما يقال لهم ، مغرمون بأطلاق شتى الألقاب على أنفسهم وأصحابهم وأهلهم .. ولكن لا يحبون أن يطلق غريب عليهم لقبا .
ولا يعرفون الخوف.. فليس في قاموسهم سواء كانوا نساء أو رجال أو أطفال.
لذلك من السهل خداعهم وتجنيدهم في قضايا خاسرة..
وكذلك من السهل شحنهم وتجييشهم بالأكاذيب.
ولكن عندما يتبينون الحقيقة..لا يرحمون من خدعهم .
والأهم: أن ركوبهم هوالخيل والجمال، وسعيتهم هي الإبل.
يفخرون بها أيما فخر ويتغنون لها ويسمونها (الزينات سعاية الزين ) .
أما الحمير ..فليست ركوبهم ولا سعيتهم مطلقا ..
فلو أردت أن يبطش بك رزيقي ..فصفه ب(حرامي الحمير)..
معلومات مجانية إضافية :
الشيخ موسى هلال من الرزيقات المحاميد.
محمد حمدان دقلو حميدتي من الرزيقات الماهرية.
رزيقات جنوب دارفور رعاة أبقار تعلموها من جيرانهم وبحكم البيئة والضرورة.
والإنسان عدو ما يجهل .
فكم نجهل نحن السودانيون عن بعضنا البعض..!!
آمنة أحمد مختار أيرا
24 May 2019
( ركابين عقيد الخيل شرابين لبن ألبل ).
هذه الأيام تراودني أحاديث جدتي (زهرة) تلك المرأة البدوية القوية الحنون النبيلة، لماذا لا أدري!!
هذا رغم أنها غابت عن أحلامي لفترة، وقد كنت أحلم بها كثيرا .
ربما هي لهجة حميدتي التي كانت تشبه لهجتها،لكن لهجتها كانت (أكثر عراقة وبدوية) ومحببة للغاية ..
حتى أنني لا أستطيع مغالبة التحسر كلما فقدت أحد كبار السن من أهل أمي، نسبة لخشيتي على لهجتهم الجميلة المميزة من الضياع .
فالأبناء والأحفاد ولدوا في المدن ..وفقدوا اللهجة وصاروا يعبرون ويتكلمون بلهجة أهل المدن الهجين التي أخذت من كل لهجات الوطن وصار لها طابع مديني خاص ..
على حسب المدينة المعنية وموقعها من جفرافيا الوطن طبعا .
من أهلي من الجهتين تعلمت الكثير .
فدعوني أعرفكم ما عرفته عن الرزيقات تحديدا..وتحديدا الأبالة منهم ،فهم الذين عرفتهم عن كثب من قبائل الغرب، وتشربت كثيرا من طباعهم ولكن تعلمت القليل عن ثقافتهم بحكم بعدي عن موطنهم في شمال دارفور.
هؤلاء بدو رحل لا يعترفون بالحدود ، نشاطهم الإقتصادي الرئيسي هو الرعي، يسعون خلف ماشيتهم أينما سعت لتوفير المراعي لها .
وهم ليسو عدوانيون، إلا عندما يستفزون أو يقترب أحد من ماشيتهم ، ومعظم حروبهم كانت حول الماشية والمراعي الشحيحة في السافنا الفقيرة وشبه الصحراء .
ولديهم تراث هائل يتناقلونه جيل عن جيل عن طريق الشعر الذي يبرعون فيه، وكذلك الأحاجي البدوية الساخرة..ولكن عامرة بالحكمة الملغزة .
هذا التراث الذي يحفظونه معظمه يدور حول الحروبات العظيمة التي واجهوها ، سواء كانت بين جيرانهم المستقرين أو بقية الرحل .
وبقية الرحل هؤلاء هم ما يسمى بعرب دارفور وكردفان ، والذين يطلق قسم كبير منهم على أنفسهم لقب (العطاوة) . وحقيقي مؤخرا ندمت على أنني لم أستفسر منهم عن هذه الجزئية بالذات . كيف قبائل كبيرة كهذه عند الحروب الكبرى التي تواجهها (تفزع) وتتحد مع بعضها بزعم الأصل العطوي ..ومع ذلك ورغم ذلك كثير من خلافاتهم وحروبهم كانت ضد بعضهم البعض ..بسبب الجهل والجفاف وضيق المراعي ، وكانوا يموتون سنويا بسبب هذه الحروب القبلية الصغيرة .. ولا يهتم بهم أحد إلا نادرا..
ولطالما استفاد ما يسمى بالجيش السوداني من روحهم القتالية فجندهم في صفوفه .
ولطالما استغلتهم الطائفية والحكومات المتعاقبة لخدمة أغراضها الخاصة ..نسبة للفقر وتفشي الجهل ونقص التعليم النظامي وإنعدام التنمية في مناطقهم ..ولعدم استقرارهم أساسا ..فهم قبائل رحل يتبعون الماء والكلأ .
كانوا رعاة إبل في الأساس..ثم تحول الكثير منهم ومن أبناء عمومتهم في جنوب كردفان ودارفور إلى رعي البقر أسوة بجيرانهم من المجموعات القبلية الأصلية، فسمي من أحتفظ منهم برعي الأبل ب(الأبالة ) ومن تحول منهم إلى رعي البقر ب(البقارة ) .
عاصمة الرزيقات الرسمية هي (الضعين ) التي ظعن فيها أجداهم .واختاروها في قصة شهيرة حكاها لنا خالي ، وتتلخص في أنهم أرادوا منطقة آمنة يظعنون بها ..فأشار لهم أحد الشيوخ برمي البرمة في الاتجاهات الأربعة ..والجهة التي تستقر فيها البرمة ستكون هي الآمنة والطيبة للإقامة، ففعلوا .
والضعين هذه يتركز فيها الرزيقات البقارة .
أما الرزيقات الأبالة في الشمال لطالما كانوا يتبعون إداريا ل(كتم ).
المصدر( الخال إسماعيل هندوسة).
وكما ذكرت أن معظم حروبات الرزيقات كانت تدور بينهم وبين بني عمومتهم ..بل أحيانا بين بعض فروع الرزيقات أنفسهم ، وهم بذلك لا يختلفون في هذا التهور عن باقي مجموعة قبائل العطاوة.
كما شهدنا قبل سنوات حرب فرعين من المسيرية مع بعضهم البعض .
وكذلك حرب الرزيقات مع الزيادية ..والرزيقات مع المعاليا ..وهكذا
ثم تعقد لجان الصلح وتنحل المشكلة حسب أعرافهم البدوية العتيقة (ثم تدور تاااني)..
وكذلك كانت لهم معاهدات مع سلاطين وزعماء شيوخ القبائل الدارفورية مثل الفور والمساليت والزغاوة وغيرهم .
وكان معظمهم يدين لسلطان دارفور بالولاء، وحكوا لنا عديد من حكاياتهم مع سلاطين الفور .
وهنالك حرب عظيمة جدا خلدت في وجدانهم وخلدوها عبر أشعارهم وأحاجيهم التي حرصوا أن يلقونها لها، ولكن لأننا لم نفهمها ولم نراها منطقية ..فلم نلتقط منها الكثير .
وهي حرب مع سلطان تونس !!
أما حربهم العظيمة الأخرى والتي خلدوها في أشعارهم وتراثهم وحرصوا أيضا على أن يحكوها لنا ويحفظونا أشعارها، فهي حرب تعرف بحرب (ناقة فني ).وهي حرب بين سلطان قبيلة خزام وبين مجموعة قبائل العطاوة.
وهذه لا أتذكر منها سوى قليل من التفاصيل وبضع أبيات شهيرة ..وهي أبيات الفزعة..عندما تنادت قبائل العطاوة لنصرة بعضهم البعض .
ولحسن الحظ وجدت توثيقا لها في بوست في سودانيزاونلاين بعنوان :
(قصة ناقة " فني " في السودان (البسوس السودانية) كما الأساطير..).
من هذه الأبيات :
و عندما رد (فني) على سلطان خزام مفزعاً عشيرته :
الساير عطية و المقيم حماد
و الدخان البتلتل داك راشد الولاد
الناقة أبتمشي بيها وين يا الخزامي الداج؟
و عطيه هم أبناء عطية و هم (رزيقات ومسيرية وحوازمة).
و حماد هم أبناء حماد ( أولاد حميد و تعايشة وهبانية وبني سليم ).
و راشد هم أبناء راشد و جميعهم أولاد جنيد.
فرد عليه الخزامي :
كان تلمو جنيد و مجنود
و أخوكم السلامي المعتوق
كور الغنم ما بقابل جبين الدود
يعني ( لو إجمعتم "جنيد " هو جد المجموعة الجنيدية المشار إليها أعلاه وأخيه " مجنود " هو جد الشكرية والكبابيش والحمر وبني جرار ، و " سلامة " هو جد السلامات)، فهنا تحدى السطان شرنقو سلطان قبيلة خزام (عبد الله العريقي فني) الذي استنجد بأبناء عمه الجنيديين (أبناء حماد وعطية وراشد) فزاد عليهم السلطان شرنقو أبناء عمهم (مجنود)،وشبههم جميعا بقطيع الأغنام الذي لا يستطيع مقابلة الأسد ويعني بالأسد هنا قبيلة خزام .
وهكذا دقت نذر الحرب التاريخية وإنطحن الأعراب طحنا في سبيل ناقة !!
* من هم العطاوة ؟
الساير عطية والمقيم حماد
والنقارة البتدقدق راشد الولاد
هم مجموعة من القبائل التي تتحدث العربية يدعون أنهم من نسل الشيخ الجنيد، ويدعون أن للشيخ خمسة أبناء وبنت واحدة، أشهرهم : عطية، وحماد، وراشد.
فى تعريفهم لأنفسهم فى كثير من الأحيان يقولون بأننا عطاوة ، وحينما يتنسب الفرد إلى العطاوة بديهياً تخطى مسمى القبيلة التى ينتمى إليها إلى مسمى مجموعة أوسع وهي العطاوة .
كل قبائل العطاوة (الأبالة، والبقارة)، فى الأصل قبائل تدعي أنها من جهينة، رعوية تدفقت إلى السودان عبر ثلاثة محاور :
عن طريق النيل مع حملة القائد عبد الله بن أبى السرح(حسب المصدر!) .الجزء الآخر ذهب بمحازاة الساحل المتوسطي ليغزو تونس والجزائر وليبيا والمغرب، ثم لاحقا دخل جزء منهم شبه جزيرة آيبريا مع غزوة القائد طارق بن زياد. هذه المجوعة الأخيرة انحدرت من تونس إلى منطقة ودّاى (تشاد الحالية)، وأسسوا نظارات وأحلاف قبلية كبيرة حتى يومنا هذا . من هاتان المجموعتان : المجموعة التى دخلت جنوب الصحراء عن طريق تونس ، وتلك التى دخلت عن طريق نهر النيل. الأخيرة نزحت غربا لظروف ضيق المرعى فى الحزام النيلى.
تجمعت تلك القبائل فى مناطقها الحالية وأسست أحلافا قبلية لحماية وجودها .
مع تأسيس تلك الأحلاف، ظل المحور الأساسى للقبائل هو السائد .. كقبائل الحوازمة مثلاً لديهم أحلاف قبلية كبيرة مع النوبة وآخرين..وهكذا بالنسبة لكل قبائل العطاوة.
المصدر (بريمة محمد آدم ).
وفي تاريخهم عندهم حرب شهيرة مع ملك تونس ، ويقال أن معظم أسلاف فروع القبائل العربية في دارفور وكردفان شاركت فيها ..ولا زالوا يتناقلون سيرة بطولات هذه الحرب وأشعارها وأهازيجها أبا عن جد .
المصدر( الجد محمد هندوسة).
وقد عدد بريمة محمد آدم في بحثه( العطاوة وإخوانهم)، قبائل العطاوة إلى تسعة مجموعات رئيسية إضافة إلي فروع صغيرة :
١- الرزيقات
٢- التعايشة
٣-الهبانية
٤- بني هلبة
٥- المسيرية
٦-،الحوازمة
٧-السلامات
٨-أولاد حميد
٩-بنو سليم
بالإضافة إلي قبائل أخرى صغيرة: التعالبة، الحوطية، الترجم، بنى خزام، البشير، بنى حسين، العياتقة، التمباب، زنارة وغيرها .
المصدر (بريمة محمد آدم، العطاوة وإخوانهم ).
(مع بعض التدقيق والمراجعة ).
وأكبر هذه المجموعات القبلية هي الرزيقات والمسيرية.
( المسيرية يقال أنها أكثر قبيلة أستشهد منها أفراد في الثورة المهدية ) .
والرزيقات من فرط كثرتهم وتعدد بطونهم وأفخاذهم حتى لقبوا ب(عيال رزيق هين التراب).
المصدر(الخال إسماعيل هندوسة).
ويقال أن للشيخ الجنيد خمسة أبناء وبنت واحدة، نزح بعض أبناؤه الى شمال أفريقيا تونس وليبيا ..ومن ثم هبط بعضهم إلي غرب السودان، وتفرق البعض منهم في الأقطار المجاورة ليبيا وتشاد ومصر والنيجر ومالي وموريتانيا والمغرب..عديد من دول الصحراء الكبرى !
وجد الرزيقات هو رزيق بن علي الرحال بن عطية بن راشد بن الشيخ الجنيد ( كما يزعمون ) .
ولرزيق أخوين :هم مسير جد المسيرية وعريق جد العريقات، وبعض المصادر تشير إلي أن لرزيق أخ واحد هو مسير وعريق هو إبن عمهم والذي له ابنان هما زبل وزبيلة.
ولرزيق ثلاثة أبناء هم محمود وماهر ونائب.
محمود جد المحاميد ، وماهر جد الماهرية ، ونائب جد النوايبة .
المصدر (إبن خالي محمد شطة ) .
زبلة جاء بالزبلات ونظارتهم الآن بمنطقة كبكابية. زبيلة ومن ذريته جاء العريقات وهم ينتشرون في كل نواحي دارفور ،وبعضا منهم في تشاد، ولهم أربعة خشم بيت (فخذ) هم المناوية وأولاد قرو والدميصات، وموطنهم في مدينة كتم بولاية شمال دارفور وقرية مصري غرب مدينة كتم. وللعريقات تاريخ طويل في منطقة دارفور وتشاد وهم في الأغلب الأعم رعاة إبل نظراً لتوطنهم في المناطق الشمالية من دارفور وهي ما تعرف بحزام السافنا الفقيرة ونطاق الصحراء وشبه الصحراء. الابن الثالث وهو رزيق أنجب الرزيقات وهي قبيلة كبيرة تنتشر في كل أنحاء دارفور، لهم عدد من الأفخاذ وهم:
المحاميد، الماهرية، الشطية، النوايبة، وأولاد زيد وغيرهم .
(الجد محمد هندوسة، وويكيبديا).
* محاولة فهم الطباع العامة لهذه القبائل :
يتميز أبناء هذه القبائل بكل طباع البدو عموما ، ويفخرون بالفروسية ، وكذلك الهمبتة لم تكن عيبا عندهم .
ويصعدون زعاماتهم بالأكثرهم فروسية وجودا ( كون الشخص (أجوادي) أو كريم فخر ما بعده فخر عندهم ..والمرأة منهم تحتقر زوجها وتطلب الطلاق منه و(تشيل حاله) بسبة أنه غير أجوادي ).
ونساؤهم قويات وفارسات وشاعرات ذوات لسان لاذع .
وهم طيبون عموما قلوبهم كقلوب الأطفال ..ولكن عند الحاجة شراستهم لا توصف .
لا يعرفون الخداع ولكن لو خدعتهم فسيمكرون بك مكرا لا قبل لك به.
يمازحونك بذكاء ولطف وطيبة ، ولكن لو استحقرتهم فلن يغفرون لك أبدا مهما تطاول الزمن ..فلو اعتذرت سامحوك كأنما شيئا لم يكن .
يحبون من يحبهم ويكرهون من يكرههم .
ويقدسون الود والصداقة ويحفظون الجميل .
نادرا ما يبادرون بالاعتداء ..ولكن من الأفضل تجنب عداوتهم .
لا يحبون النميمة والقيل والقال ويعايرون من يفعلها ..وكذلك يصدقون كل ما يقال لهم ، مغرمون بأطلاق شتى الألقاب على أنفسهم وأصحابهم وأهلهم .. ولكن لا يحبون أن يطلق غريب عليهم لقبا .
ولا يعرفون الخوف.. فليس في قاموسهم سواء كانوا نساء أو رجال أو أطفال.
لذلك من السهل خداعهم وتجنيدهم في قضايا خاسرة..
وكذلك من السهل شحنهم وتجييشهم بالأكاذيب.
ولكن عندما يتبينون الحقيقة..لا يرحمون من خدعهم .
والأهم: أن ركوبهم هوالخيل والجمال، وسعيتهم هي الإبل.
يفخرون بها أيما فخر ويتغنون لها ويسمونها (الزينات سعاية الزين ) .
أما الحمير ..فليست ركوبهم ولا سعيتهم مطلقا ..
فلو أردت أن يبطش بك رزيقي ..فصفه ب(حرامي الحمير)..
معلومات مجانية إضافية :
الشيخ موسى هلال من الرزيقات المحاميد.
محمد حمدان دقلو حميدتي من الرزيقات الماهرية.
رزيقات جنوب دارفور رعاة أبقار تعلموها من جيرانهم وبحكم البيئة والضرورة.
والإنسان عدو ما يجهل .
فكم نجهل نحن السودانيون عن بعضنا البعض..!!
آمنة أحمد مختار أيرا
24 May 2019