الصفحات

الاثنين، 13 مايو 2019

شق صف

    قبل شهر وبعد تنحي إبن عوف كتبت متمنية إنه( الثوار المعتصمون في ميدان القيادة )يتفقوا مع بعض ويعلنوا حكومتهم من الميدان .
    هذا رغم تخوف البعض من تكرار تجارب فنزويلا وليبيا واليمن في وجود حكومتين.
    ولما اقترحت اقتراحي دا ..ما كان خوفا على قوى الحرية والتغيير وذراعهم المهني..
    بل خشية على مصائر الثورة من أحلام ومطامع وخلافات آل البوربون هؤلاء .
    وكذلك إشفاقا من أن تضيع الثورة في متاهات المساومات الداخلية والخارجية ..وإغراءات المحاور الإقليمية المتربصة التي تريد أن تطفئ وهج ثورتنا ..لتحيلها مسخا شبيها بمآلات ثورات شعبية لدول مجاورة .
    خاصة أن من تسنموا ثورة الشعب واستلموا زمامها في منعطف ما.. دون أن يعلنوا عن أنفسهم بشفافية حتى اليوم ..
    ديل الكان سبب عدم إعلانهم للحكومة يوم لموا الناس بالملايين في القيادة في ذلك الحشد المشهود.. خلافات داخلية بينهم وصراعات لم ولن تنتهي بينهم وبين القوى التي منحوها حق التحالف معهم دونا عن الآخرين..
    فإذا هم فشلوا في أمر كهذا نالوا فيه تفويض شعبي ثوري ملاييني ..وأخلفوا وعدهم للشعب ولأمهات الشهداء دون خجل ..وأحرجونا أمام الأمم التي جلست تترقب جسارة وإقدام ثورتنا أمام الشاشات ..
    فمفترض بعد هذه الفضيحة الدولية أن يختشي هؤلاء ويعتذروا للشعب وللشهداء ويتنحوا ويسلموا الشباب زمام ثورتهم..
    لكن وييين مع العين القوية والجلود التخينة لمن يظنون أن البلد بشعبها كلهم واقعين ليهم في ورثة ..
    فهم في عرفهم إنهم أسيادنا..وبين السيد والعبد مافيش إختشا..
    وكمان فاتحين نفسهم عايزين يحكمونا أربعة سنين قال.. بدون تفويض انتخابي!!!
    فديل الظاهر ما عانوا زينا وعاشوا العذاب والمعاناة وفقدوا أهل طوال ثلاثين عاما.
    معظم قياداتهم كانت لهم تقاطعات مع الإنقاذ وبعضهم جلس في برلمان الانقاذ..والعديد منهم قبض ولا زال يقبض باسم السودان من الداخل والخارج ..
    تخوفي من فترة انتقالية طويلة ..هم يزعمون ضرورتها للقضاء على دولة الكيزان العميقة..
    حين تخوفي من إنه بعض من الدولة العميقة دي تجد لها(حاضنة وأسباب بقاء) من خلال تحالفات ومصالح قديمة مع هؤلاء ..
    وكذلك مصاهرات وعلاقات قرابة..وصداقات مريبة ومعقدة كما نعلم .
    ومفترض تجربة الديمقراطية الأخيرة وما حدث فيها وفي فترتها الانتقالية تكون فيها الدروس والعبر ..
    فهم حتى اليوم يتبادلون الاتهامات حولها وحول السبب في ضياع الديمقراطية الأخيرة .. وحول من تسبب في قدوم الكيزان وانقلابهم ..!!
    فكيف بعد ثورة فقد فيها الشعب خيرة شبابه ..نسلمها ببساطة لجماعات أسرية من نخب المركز وشتات الحركات..تسمي نفسها كيانات سياسية ..
    رغم أن بعضهم كان سببا في ضياع تجاربنا الديمقراطية بتصرفاته غير الناضجة سياسيا رغم عراقة تجاربهم المفترضة.. !!
    بعدين نخب المركز ديل وكذلك قادة شتات حركات الهامش ..لطالما جلسوا في صالونات قصور رموز الإنقاذ العائلية وتبادلوا معهم الونسات والأنخاب والمجاملات الإجتماعية ..
    والشعب الثائر في الشوارع دا يا عيني معظمه لا يعلم المصالح المريبة بين هؤلاء والتي استدعت قيام (وساطات رجال أعمال ذوي مصالح ورموز صحافة مخضرمين ومدجنين)..
    وأفسحت المجال للحج إلي دول البترودولار ..والسعي بين صفا ومروة المحاور (نفس نهج البشير ودولة كيزانه القديمة)..

    الكلام دا حصل ..وللا ما حصل؟!
    ودا مش تاريخ معاصر كلنا عايشناهو وهسه لا يزال ماثل ومستمر قدامنا في سلسلة خلافاتهم حول تقاسم كيكة الفترة الانتقالية.. (هذه الخلافات التي ضيعت لحظات حاسمة وحساسة من عمر الثورة)..
    الأمر الذي جعل المجلس العسكري يمد رجليه مرتاحا ومتفرجا على هذا السيرك ..وينفذ أجندته براااحة..
    وبالتالي نشطت المحاور ولقت فرصتها في إغراء القابلون للبيع... أو لرغبة بعضهم في حماية أفراد من أسرهم شاركوا النظام ..ولربما سعيا لإيجاد مخرج آمن لهم ..
    هذه القوى واضح جدا لكل شافع ثائر أنها غير مسؤولة بصراحة..
    ولا زالت تخاطر بإغراق البلد في فوضى المواجهات بين العسكر والثوار المتحمسين..
    وتخاطر بإهدار مزيد من دماء الشباب الثائر المعتصم تحت الشمس الحارقة..

    وهذا الهرج والمرج والأنانية والغرور وعدم التجرد لمصلحة الوطن ..غير غريب على ممارسات هذه القوى السياسية طوال عقود .ظنناهم تعلموا من تجاربهم ولكن ثبت الآن أنهم لم يتعلموا شيئا ..
    فكيف تريدون منا أن نثق في قيادة هؤلاء لفترة انتقالية طويلة تتعدى السنتين ..وتجيهم سااااقطة كدا وتقع ليهم في عبهم بدون تعب الانتخابات والصناديق وتحدياتها ؟!..
    ونحنا غمار الشعب التعبنا وتعذبنا وعانينا وفقدنا أهل في الصراعات ..ما الذي يضمن لنا عدم عودة أو تكريس الدولة العميقة عبر هؤلاء الذين نعلم مصالحهم وعلاقاتهم وقراباتهم وتصاهرهم معها ؟!!!

    بل من يضمن لنا أن لا تتسبب خلافاتهم في هذه الفترة الطويلة في تشجيع بعض المغامرين الطموحين أو عملاء المحاور من العسكر..إنهم يتهوروا ويعملوا إنقلاب بحجة كثرة خلافات حكام الفترة الانتقالية ؟!
    هذا لا قدر الله طبعا .

    لكن بجد، من يضمن لنا ؟!!
    من يضمن لنا ذلك عليه أن يوضح بالتفصيل مبرراته.
    وشكرا .

    آمنة أحمد مختار أيرا
    11 May 2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق