الصفحات

السبت، 23 مارس 2019

لو كنت مكان تجمع المهنيين السودانيين



لو كنت مكان تجمع المهنيين حادي الحراك المجيد الحالي ، والذي إختاره الشعب قائدا لثورتنا المجيدة هذه.


لأوليت الانتباه لخفوت حراك مدن الأقاليم والأرياف ولبحثت عن أسبابه وذلك ليس عبر الحوار الداخلي فقط.. بل عبر الحوار المباشر مع نشطاء الأقاليم وشبابها الذين فجروا حراك المدن في بداية هذه الهبة الجماهيرية.. ثم سلموا قيادتها للتجمع ثقة فيه باعتباره جسما مهنيا وغير حزبي.. نسبة للرأي السلبي الذي تكون عبر عقود عن السياسة السودانية وممارسيها التقليديين.


    فقد لاحظت أن تنسيق التجمع مع نشطاء الأقاليم ضعيف جدا ، ولا يرقى لمستوى الحدث والتحدي التاريخي!


فعلى سبيل المثال لا الحصر ، لاحظت كما لاحظ غيري أن التجمع لم يول (اهتماما كافيا) وتسليط ضوء ممتد على نضال عمال ميناء بورتسودان الصامدين حتى الآن.


هذه القضية كان من الممكن استغلالها جيدا كي تجيش مشاعر الثوار باعتبارها قضية سيادة قومية ..وليست قضية مطلبية محدودة ، خاصة أن خطاب النقابة البديلة لعمال الموانئ كان خطابا ناضجا جدا وعلى مستوى الحدث وقوميا.. حيث اتضح ثباتهم وتمسكهم برفض خصخصة الميناء الجنوبي كي لا تصير إلى المصير الذي صارت إليه المرافق والمشاريع السيادية الأخرى بذات حجة الخصخصة.


 لذلك أرى أن المشكلة حاليا هي إعادة الحماس لمدن الأقاليم وأريافها التي خفت حراكها.. بسبب عدم التنسيق أو ربما التعالي على قضايا الأقاليم التي يرى أصحابها أنها ملحة.


ويبدو أن هنالك خلافا في الأوليات لدى تجمع المهنيين ، ربما يكون نابعا من خلافات ورؤى مختلفة لتنظيماتهم السياسية المختلفة التي ينتمون إليها. وهذا طبيعي.

وهي مشكلات عادة ترافق العمل الجماعي في السودان.


لقد وقع معظم نشطاء الأقاليم على وثيقة إعلان الحرية والتغيير وذلك عبر كياناتهم المهنية والحزبية.

ولكني لاحظت أن أربعا فقط من مجموع تلك القوى هي التي تم ذكرها حتى الآن باعتبارها حلفاء وشركاء للتجمع ..

وحقيقة لا أدري ما الحكمة في ذلك ؟!

فلماذا لا تجد القوى الأخرى من الموقعين مجرد الذكر في القائمة التي يعتبرها التجمع حلفاء له ؟!

هذا نوع من الانتقائية غير مفهوم بالنسبة وللعديد من السودانيين أصحاب المصلحة في التغيير.

فكأنما بعضهم وقع على الوثيقة بحبر أزرق.. والبعض الآخر وقع بالحبر السري!!


لذلك لو كنت مكان تجمع المهنيين لاحترمت كل الكيانات التي أرسلت لي توقيعاتها ولم أهمل أحدا.

فمن ناحية سأكبر كومي وكوم الثوار أمام حكومة الإنقاذ والعالم الخارجي.

ومن ناحية أخرى سأظهر تقديري لكل القوى الموقعة والتي تسعى للتغيير.

وبهذا يطمئن نشطاء الأقاليم بأن دورهم في هذا الحراك مقدر ومضمن كحلفاء رئيسيين.. ولن يتجاهل نضالهم أحد .


كذلك لو كنت مكان تجمع المهنيين.. لقللت من ظهور الشخصيات السياسية التي مل الشعب منها.. وفقد الثقة فيها بسبب ممارساتها السياسية طوال عهد الإنقاذ ..

 ولحرصت على أن لا يتم تسويقها داخليا وخارجيا كشريكة بارزة للتجمع.. ولقللت كذلك من إقامة الفعاليات في دورها.


ولقدمت للشعب وللعالم وجوها جديدة من الشابات والشباب الثوار من مختلف الأقاليم.


لو كنت مكان تجمع المهنيين لما جعلت الفترة الانتقالية أربع سنوات ..بل سنتين فقط ، نسبة لأن أجيال كاملة تتوق لأن تمارس الديمقراطية فعليا عبر استخدام صوتها الانتخابي لأول مرة . وكذلك لا ترغب في أن تمنح تفويضها لحكومة غير منتخبة لتحكم فترة طويلة.


لو كنت مكان تجمع المهنيين لوضعت الفقرة الثالثة في الوثيقة التي تشير للترتيبات الأمنية لإتفاقية السلام بعد الفقرة الأولى مباشرة التي تتناول ترتيبات وقف الحرب.

نسبة للرابط الموضوعي بين الفقرتين.


ولو كنت مكان التجمع لكنت أنصفت المرأة السودانية وصمودها ونضالاتها تحت ظل عهد طيور الظلام هذا ذي الثلاث شعب .. بالنص صراحة في الفقرة السادسة من إعلان الحرية والتغيير على ضرورة التوقيع على إتفاقية سيداو ( إتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة).

وكذلك تضمين الوثيقة الإشارة للاستعداد للتوقيع على كافة الاتفاقيات وإعلانات حقوق الإنسان العالمية. 

وذلك لغرض التبشير بعهد جديد تصان فيه آدمية الإنسان، فيكفينا ما ضاع من عمرنا منتقصي حقوق في وطننا.


ولنعمل من أجل أن تصان حقوق الأجيال القادمة من العبث بها تحت أي مبرر آيدلوجي.


وفقرة الحقوق هذه ستكون دافعا إضافيا للنضال من أجل التغيير  من كل ذوي المصلحة في التغيير الإيجابي.


لو كنت مكان تجمع المهنيين لنصصت صراحة في الفقرة الثامنة على العمل على مجانية التعليم والعلاج وليس الدعم فقط.


وأخيرا لو كنت مكان تجمع المهنيين لجعلت أيضا أول فقرة في إعلان الحرية والتغيير كما فعلوا بالضبط ..ألا وهي وضع ترتيبات  إيقاف الحرب وإيلاء الأولوية لمعالجة أسبابها ثم آثارها ، ولأضفت كذلك الوعد بتأهيل نفسي وإجتماعي للمتأثرين بالحرب والنزوح.

........


وختاما، تحياتي للأخوات والأخوة في التجمع وأتمنى لهم التوفيق في عملهم الجيد ومجهودهم الجبار ، وأتفهم كثيرا صعوبات العمل الجماعي في السودان ، وكذلك أتفهم صعوبة العمل على قيادة حراك وطن كامل وثق ثواره بهم واختاروه قائدا لهم.

وهذه بلا شك مسؤولية عظيمة وحمل كبير.. ولكن أثق بقدرتهم على إنجاز هذا التحدي التاريخي بمعونة وسواعد هذا الشعب الذي اكتفى وقال كفى. 


والشعب يمثلني.. وبالتالي من يمثل الشعب يمثلني.


وحرية ، سلام ، وعدالة

والثورة خيار الشعب

و

#تسقط_بس


آمنة أحمد مختار أيرا

23 Mar 2019


.......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق