الصفحات

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

لماذا التمسك بفكرة السودان الجديد تبع الزعيم جون قرنق ؟ (مقال قبل الإنفصال )

* أولا لأنها فكرة سودانية أصيلة ، نبعت من زعيم سوداني فخور بسودانيته ..معتز بها.. وغير ناكر لها أو خجل منها .

لم يكتف بطرح الفكرة فقط ..وإنما ناضل فى سبيلها ، بل واستشهد .

د. جون قرنق زعيم سوداني أفريقي مائة بالمائة ، فخور باأفريقيته وسودانويته، لا ينسب أصوله لأى جهة أخرى خارجية غير السودان ( سواء كان عرق أو دولة أو قارة )...

وينتمى الى جزء كبير من الهامش السودانى فى طريقه الآن الى الإنفصال عن الوطن الأم ، كنتيجة طبيعية وحتمية لسياسات وممارسات ما يلقب ب( المركز ) أو ( النخبة السياسية الحاكمة والمسيطرة منذ الاستقلال ..بل ما قبله ) ..

ومع ذلك حارب هذا الزعيم الفذ ، وناضل من أجل تحرير السودان ..من هذه النخب التى أثبتت فشلها فى إدارة هذا الوطن ، إدارة واعية تحقق له أمنه واستقلاله وحرية و عدالة ورفاه مواطنيه .

وناضل من أجل وجدة هذا التراب العظيم الشاسع المترامى الأطراف ، ووحدة شعوبه ذات الحضارات العريقة الضاربة ومتحكرة فى أعماق التاريخ .

ولم يهتم أو يكترث كثيرا بتجذر وتغلغل ( العنصرية والاقصاء للآخر ، والتهميش الثقافى والاجتماعى والنوعى ) كندوب تشوه الوجدان السودانى ، بل أعتبر ان هذه الأمراض ستزول بزوال المسببات التى غرست كثقافة فى الوجدان السودانى القديم الذى يفتقد الى التجانس . والدولة السودانية التى لم تكتمل أشراطها كدولة ، والشعب السودانى الذى لما يتشكل بعد كشعب ذو هوية واضحة .

لذلك فمن باب أولى لنا كسودانيات وسودانيون أن نلتقط هذه الراية ، و نواصل هذه المسيرة السودانية الأصيلة ، التى انطلقت بقطار مشروع السودان الجديد ، هذا الحلم السودانى النبيل الذى نحن أولى به ..وهو أولى بنا ..

ومن باب أولى أن نواصل مسيرة هذا الشهيد الذى ناضل و استشهد من أجل وحدة السودان كله دولة وشعبا ، سواء كنا ( حركة شعبية أم غير ذلك ) ، وليس فى الأمر ما يعيب ، ولا يوجد أى تناقض فى ذلك .أذاا كنا ننادى ونعمل من أجل نفس الأهداف فمن الطبيعى أن ننهل من نفس المنهل .

فمن أجل حاضر السودان ، ومستقبله ومستقبل أجياله ، لايجب علينا ن ندير ظهورنا لأهل الجنوب زعامات كانوا ..أم شعوبا ، أفكارا كانت أم ثقافات ..حتى لو كان خيارهم هو الانفصال .

وعلينا أن نكافح فى سبيل حماية البلد من التشظي والتفكك الى دويلات متناحرة ..

وهذا لن يكون - حسب رؤيتنا- الا بالعمل والسعى الجاد من أجل سودان جديد ..قائم على أسس جديدة ، ولا صوت يعلو فيه على صوت المواطنة ، ولا غاية اسمى لدى شعوبه من الحرية .

* مشروع السودان الجديد : نرى أنه قد حسم الجدل حول ( الهوية ) ، هذا الجدل الدائر منذ قبيل الاستقلال ، عبر تبنى هذا المشروع لل( السودانوية ) و( الوحدة فى التنوع ) ، اضافة لمبدأ] الحرية والعدالة الاجتماعية ، بما يقترح حلولا لصراع ( المركز والهامش ) أو ( المركز والأطراف ) ..

بكل أبعاد هذا الصراع ( الطبيعى جدا والحتمى والواقعى ) سياسية كانت أم اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو تنموية .

* ربما يقول قائل ان هذه الفكرة ليست جديدة ، وانها قد طرحت من قبل بعض الزعماء او التنظيمات السياسية الأخرى فى الهامش .


ولكننا بالرغم من ذلك لا يجب  أن لاننكر إن  الزعيم د. جون قرنق.. هو ولا أحد سواه .. من جعل هذا الحلم واقعا يمشى على قدمين ، حتى بدأت بوادره تتضج وتتبلور ...

فلا يجب أن نغبط الرجل حقه ، بعد أن كافح فى سبيل ذلك نصف حياته فى إطار الحركة الشعبية لتحرير السودان .



* كون مشروعنا السياسى هذا ( حزب الخضر ) قد نبع من الهامش أولا ، ومن نساء سودانيات ثانيا ، فاننا ندرك أهمية هذا الطرح ( السودان الجديد ) بالنسبة لإنسان الهامش ، وبالنسبة للنساء والشباب وكل الفئات مهضمومة الحقوق ، ومبعدة عن المشاركة الفاعلة سياسيا كان أم اجتماعيا أو اقتصاديا ..



فانسان الهامش : جعلته سياسات السودان القديم وسدنته محصورا ومحبوسا ومخنوقا فى هامشه ، ثقافيا واجتماعيا وسياسيا ..واقتصاديا ..



ونساء السودان : شاركن فى كل الثورات والانتفاضات ، وأسهمن جهدهن فى صناعة التغيير للأفضل ، ولكن فى كل مرة يعود سدنة السودان القديم بسياسات ذات مرجعية دينية واجتماعية محاولين بها ادخال المرأة فى قمقم القهر والتسلط والاقصاء .



بالنسبة للشباب الذى هدته وحاصرته هذه السياسات القاصرة وأدخلته فى دوامات العطالة والبطالة وفقدان الأمل فى المستقبل ، رغم أن الشباب لطالما كانوا دوما هم وقود الثورات والانتفاضات ، بل والحروب الأهلية التى تفتعلها نخب المركز الفاشلة المدمنة لإجترار سياسات السودان القديم التى أثبتت عقمها وعجزها عن بلورة أمة سودانية حقيقية ، ودولة سودانية عصرية مواكبة لزمنها.



* إضافة لكل ذلك : فإن الحتمية التاريخية ، ودولاب التاريخ العملاق الذى بدأ فى الدوران ، والذى جعل من التغيير فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واقعا ( ممكنا ) بعد ان كان حلما بعيد المنال ، وشبه مستحيل ..


نرى إنه كذلك .سيجعل من ميلاد سودان جديد ..أمرا لابد منه ..كتطور تاريخي طبيعي للسودان كدولة وكشعب ، ونتيجة لا مفر منها للتغيير العاصف الذى يجتاح المنطقة ... والذى لا يمكن إيقافه بأى وسيلة ..لأن التغيير سنة الحياة وطبيعة الأشياء ..

فالتغيير قادم قادم ، ولو كره الكارهون ، من عشاق القديم وسدنته ، المتشبثون به حماية لمصالحهم ومكاسبهم التى يظنونها أبدية ..

وهل هناك شئ أبدى فى هذه الحياة الدنيا ؟!



فالتغيير كما نعلم جميعا ..من سنن الدنيا والحياة ..

و( التجديد ) شأن من شؤون التاريخ ...ومن بإمكانه إيقاف عجلة التاريخ ..من ؟!

والتاريخ هو الماضى الذى يصيغ الحاضر وينبئ بالمستقبل ..

كالأنثى التى تحمل جنينها فى رحمها بميقات ..وتضعه بميقات ..

كذلك هو حال ( رحم التاريخ ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق