الصفحات

الأحد، 14 يونيو 2020

النترت (بست ،باستيت، Bastet - Bast) في حضارة وادي النيل وأسطورة القطط في شرق السودان (كدايس سواكن)


النترت (بست ،باستيت، Bastet - Bast) في حضارة وادي النيل
وأسطورة القطط في شرق السودان (كدايس سواكن) 













 النترت بست إحدى الكائنات الروحية المقدسة في حضارة وادي النيل ،بدأ تقديسها في عهد المملكة الكمتية القديمة في ممفيس، ثم انتشر تقديسها في جميع مناطق وأزمان حضارة وادي النيل القديمة ،وقد قدست أيضا في العهدين الإغريقي والروماني.
وكانت تعتبر حامية الطفولة وربة المرح والسعادة والموسيقى والحب والخصوبة، وتحمي الحوامل وترعى النساء.
وكان القدماء يربون القطط الأليفة كي تحمي بيوتهم من الفئران والهوام وتؤنسهم رفقتها اللطيفة.

قدست في صورة قطة مهابة ومزينة بزينة ملوكية ، أدمجت مع المعبودة النترت (سخمت) اللبؤة في الدولة الحديثة ، حيث تمثل سخمت في هيئة اللبؤة المفترسة.
فعندما تغضب باستيت تتحول إلى سخمت ربة الإنتقام..
وتنتقم من الأعداء ومن كل ذي خلق رديء.
وترمز القطة إلى المعبودة بست، إبنة النتر المبجل رع رمز الشمس.
وقد كان مركز عبادتها في مدينة (تل بسطة) شرق الدلتا في مصر ، وقد سميت المنطقة (بر باستيت) أي بيت باستيت. 
وقد ذكر المؤرخ (بوليانوس) إن القطط كانت من أسباب هزيمة الأسرة الفرعونية 26 أمام الإمبراطورية الإخمينية الفارسية في معركة الفرما (Battle of Pelusium ) التي كانت في مكان بورسعيد الحالية .فقد كان قمبيز الثاني ملك الفرس عالما بتقديس الكمتيين للقطط لدرجة فرضهم عقوبة على كل من يقتل قطة ، فاستخدم نقطة ضعفهم هذه ضدهم في المعركة ونقش صورة النترت بست على دروع جنوده وملابسهم وثم أطلق عند بدء المعركة قطيعا من القطط أمام جنوده.. الأمر الذي جعل الرماة والمقاتلين الكمتيين يترددون في القتال ..الأمر الذي أدى لهزيمتهم. 
وكان تحنيط جثث القطط منتشرا إلى حد كبير (كما هو واضح في المتاحف). فكان كهنة باستيت يربون القطط ويقدمونها للناس بغرض التضحية بها كقربان للنترت، فيقوم الكهنة بتقديم القربات في قتل طقوسي ومن ثم تحنيط القطة وتجهيز مقبرة لها أو دفنها في مقبرة مقدم القربان بعد وفاته. 
وقد أجري حديثا فحصا بأشعة إكس على مومياوات قطط عثر عليها في مقبرة كبيرة في وادي الملوك ، فوجد أن نحو ثلث المومياوات لم يكن تحتوي على قطة محنطة أو تحتوي فقط على أجزاء عظام. ولا يعرف الباحثون حتى اليوم عما إذا كان الكهنة كانوا يخدعن الناس أم قل وجود القطط في بعض الأوقات نسبة لكثرة الطلب عليها ؟!
وكان قتل القطط خارج مكان المعابد(البرابي ) من غير الكهنة يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. 
*(مراجع مختلفة من تاريخ وادي النيل). 
........
تعقيب :
والجدير بالذكر أن مسمى القطة القديم
هو من الأسماء الموجودة حتي اليوم عند  البجا فيقال للقطة  ( بس للذكر و بسات للأنثى ) .
ويقول الباحث عبد الله أوبشار من مركز ثقافة وحضارة البجا :
(من المهم جدا أن نورد معلومة عن الأسماء والتسميات عند البجا منذ  أقدم العصور، فأغلب الأسماء هي عبارة عن (صفات) فإذا تحدثنا عن  ( بس ) تعني( دفن ) ومن المعروف عن القطط أنها تدفن مخلفاتها ومن هنا يأتي إسمها بسات أي التي تدفن مخلفاتها ..
ويطلق مثلاً على الحصان  ( حتاي ) وتعني  ( أملس الظهر ) .
 ولازال إسم بس و بسات موجود عند البجا حتى اليوم ،
وإطلاق المسميات حسب الصفات رغم غرابته كان شائعا في ذلك الزمان ولا يزال مستخدما عند البجا).
إنتهى.
  .....
لا يخفى على الجميع أن للقطط عند السودانيين مكانة خاصة..خاصة سكان البحر الأحمر  .
فهي مدللة عندهم كثيرا ،تسرح وتمرح وتتكاثر بحرية .
وتتواتر في شرق السودان الحكاوي والأحاجي عن تجارب غريبة مر بها البشر مع القطط ..!!
ولست وحدي من يزعم أن لقطط البحر الأحمر (خاصة سواكن) ذكاء خارق ..بل أقول أن قططنا تفهم كلامنا وتتأثر نفسيا بالكلام السالب عنها..( عن تجربة ) .
بل أن بعضهم يدعي أن هذه القطاط الذكية قد ساعدته وأنقذت حياته ..كما يحكي بعض المسافرين في الخلاء وكذلك سائقي شاحنات النقل الذين يقسم بعضهم بأن بعض القطط ساعدته في مواقف صعبة ونجته من الخطر !!
عموما تشيع الحكاوي الأسطورية عن قطط سواكن وحواضر وأرياف الساحل عموما.. وقدراتها الخارقة في كل أنحاء السودان تقريباً.
والحديث عن تجارب البعض مع القطط يطول ..خاصة مع المسافرين وعابري الطريق .
المهم ، بلا شك أن الكثيرون قد سمعوا جانبا من هذه الحكاوي المرعبة وأحياناً مسلية عن القطط..والأمثلة كثيرة .
( والبعض يؤكد على مقدرة قطط الشرق على قتل من يؤذيها ..وهنالك حادثة مؤلمة وشهيرة تتعلق بأحد الصبية الذي كانت مهمته طرد القطط التي تزعج رواد أحد الأندية الإجتماعية الشهيرة في بورتسودان ) .
وكنموذج عن أساطير القطط  :
إحدى هذه الأساطير تتحدث عن علاقة للتوائم الآدميين بالقطط . ذكرت هذه الأسطورة تحديداً  لأني لاحظت أنها تنتشر أيضاً في مناطق عديدة من السودان ..بل باقي القارة الأفريقية .
والأسطورة تزعم أن التوأم الأول طفل طبيعي..والثاني تتجسد (البسة )عبره .
وفي مناطق من أفريقيا ..كانوا يقتلون التوأم الثاني فور ولادته ..لأنهم يظنون أن الشيطان يتجسد عبره !!
وفي شرق السودان وكثير من مناطق السودان أيضاً ، يحذرون من ضرب القطط في الليل .. أو زجرها أو إيذاءها بأي وسيلة ..
خشية من أن تكون توأما آدميا متجسدا على شكل قطة ( كديسة )..
فهم يعتقدون أن التوائم الآدميين يتجولون ليلا على شكل قطط!!
كما نلاحظ أن كبيرات السن من السودانييات أحيانا يدعين على الصغار الأشقياء بدعوات على شاكلة (ربنا يسخمتك.. وربنا يسختك.. وهكذا ) 😊
* وأعتقد أن أسطورة القطة المقدسة أسطورة قديمة جدا بقدم حضارات وادي النيل، الأمر الذي يحتاج إلى المزيد من البحث في ثقافاتنا العتيقة.
......
عموما ككل الأساطير القديمة .
تتماهى الحقيقة مع الخيال ، وتقديس بعض الكائنات دونا عن غيرها غالبا يعود في الأساس إلى حادثة تاريخية حقيقية معينة.. أضفت عليها حقب وأستار الزمن غموضا فوق غموض .
والتحية لفصيلة القطاط عموما ..وقطط الشرق خاصة .
ودستووووور ... :)
........
ملحوظة:
* صور القطط في أطلال جزيرة سواكن بعدسة الأخ علي أحمد علي. وصورة القطة الجالسة بعدسة ميادة أحمد مختار.
* النترو عند الكمتيين القدماء هي كائنات مقدسة تؤدي مهمات إلهية عبر تسخيرها لقوى الطبيعة.
* كذلك لا أنسى أن أشير إلى أسطورة المرأة القطة ، التي تنتنشر وسط ثقافات كثيرة عبر المعمورة .
وأحيتها هوليوود وصنعت منها سلسلة أفلام مثيرة .
وتعتبر هذه الأفلام نوعا ما مستوحاة من أسطورة (سخمت) المنتقمة .
.......
آمنة أحمد مختار أيرا



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق