الثورة السودانية: صراع الإرادات..والمتاريس
آمنة أحمد مختار أيرا
منذ استيلاء نظام إخوان الشؤم على الحكم في بلادنا..عانينا شتى صنوف العنف والاعتقالات والتعذيب والبطش والقتل لكسر إرادة الشعب ولتكريس حكمه الإرهابي.
ومع ذلك خاض الشعب ببطولة معركة التحرر الطويلة ولم يستسلم أو يهادن ..عبر المقاومة المسلحة في الأطراف والهوامش ..وكذلك عبر هبات المدن والقرى والتي سرعان ما تواجه بالبطش الشديد وإسالة الدماء .
وكذلك حشد النظام آلة عسكرية وأمنية رهيبة كرس لها معظم ميزانية الدولة، وصنع مختلف المليشيات الآيدلوجية والقبلية، وبعد أن كان الجيش قوات الشعب المسلحة..صار جيشا مدجنا تماما للنظام وأجندته القمعية الرهيبة ..وذلك عبر خطة محكمة لأدلجة الجيش كما شهدنا.
كما كان هدف جماعة الإسلاميين بالأساس أدلجة الشعب قسريا وكسر إرادته وتدجينه .
ولا يخفى على أي مواطن أن الإسلاميين عكفوا على وضع مختلف البرامج والدراسات النفسية والتكتيكية بهدف كسر إرادة الشعب وتدجينه تماما ..عبر ما يسمى بمشروعهم الإسلامي الحضاري..
الذي تصدى له الشعب وأفشله تماما .
فإرادة الشعوب لا تقهر ..فهما تطاول ليل القمع ففجر الحرية لا شك باذغ، وتستجمع الشعوب إرادتها يوما ما وتكسر قيودها وتنتزع حريتها انتزاعا .
ورغم بداهة هذه الحقيقة وتكررها عبر التاريخ، لن يتعلم الطغاة ويستسلموا بسهولة.. خاصة لو تطاول زمن استيلائهم على الحكم كما في الحالة السودانية.
فهنالك شتى التكتيكات والوسائل بجعبتهم لا زالت. فكلما أفشلت مقاومة وانتفاضة الشعب وسيلة ..لجأ طغاتنا إلى أخرى.
وهم حاليا همهم الوحيد وشاغلهم الشاغل الإلتفاف على الثورة بشتى الوسائل ..لإبطال منجزاتها ومكتسبات الجماهير التي إنتزعتها نضالا تلو نضال ..وتضحية تلي تضحية ..وتكتيكا يلي تكتيكا .
لذا سيداتي سادتي، فالمعركة الآن هي معركة إرادات..
والخصم الذي نواجهه ويواجهنا الآن هو الوجه العسكري للنظام، ووراءه كذلك وجههم الآخر المدني الذي تدرب على شتى تكتيكات إفشال الثورات والإلتفاف عليها..
فهم تدربوا على تغيير جلدهم عدة مرات كالأفاعي ..
فكلما نجحنا في خطوة وانتزعنا منهم مساحة في المعركة..ظهروا لنا بجلد أرقط آخر .
* معركة المتاريس المصطنعة :
تفجر الجدال حول المتاريس مؤخرا ..لسبب معين حسب تقديري .
فالأمر يتركز كله في معركة حرب الإرادات لاكتساب مزيد من مساحة المناورة في التفاوض ..وكذلك كسب المزيد من الوقت للمماطلة ..
وكذلك كحجة لتأليب القوات المعسكرة سواء كانت نظامية أو غير نظامية ضد الشباب الثائر .
وتحويل معركة الإرادت بينهم تدريجيا إلى معركة تكسير عظم ..في خطة جهنمية لفلت الأوضاع تماما وتحويلها إلى حرب بقاء شاملة .
لذلك ما اللغط المثار الآن حول(المتاريس)..إلا وسيلة أخرى في جعبتهم يستخدمونها في معركة الإرادة ..وكل ما صدقهم وأطاعهم قيادات قوى الحرية والتغيير في حججهم حول المتاريس ..كلما فكروا في وسيلة أخرى لإعاقة الوصول لإتفاق حول الحكومة الانتقالية ما لم يكن بشروطهم وشروط المحاور التي يدورون في فلكها..خاصة وأن حرب اليمن الآن تهدد بالانتقال إلى العمق السعودي ..
وما تعليقهم للإتفاق إلى حين إزالة المتاريس خارج محيط اعتصام القيادة وتسويق هذا الأمر حتى صار عذرا مقبولا بين لدى العديدين إلى مجرد حجة للمماطلة ..وكذلك تكريس فرض إرادتهم على الثوار وقياداتهم .
وهذه الخطوة(الخطة) ستتبعها خطوات بالطبع، فهؤلاء لطالما أثبتوا لنا طوال ثلاثة عقود من الزمان ان جعبتهم لا تخلو أبدا من الحيل..
فما بالكم والآن تدعمهم وتعمل معهم مخابرات دول المحاور ..وتخطط معهم لتثبيت مصالحها والالتفاف على الثورة في (غرف عمليات طارئة) بلا شك؟
المتاريس: كعامل نفسي
أعتقد أن( نقة) المجلس العسكري حول المتاريس منذ بداية التفاوض مع قوى الحرية والتغيير.. وطلبهم فتح مسار القطار بحجة حرصهم على إرسال المؤن للمواطنين في كردفان ودارفور ..رغم علمهم سلفا باتفاق مسبق بين قوى الحرية والتغيير وإدارة السكة حديد بالسماح بحركة مرور القطارات..
وكذلك طلبهم بفتح الطرق لتسهيل حركة مرور السيارات ..ومرة بحجة نظافة محيط القيادة.
لم يكن نابعا من حرصهم على مصلحة المواطن بقدر ما كان وسيلة من وسائلهم ومحاولاتهم لفض الاعتصام، وكذلك لأن المتاريس منذ أن استخدمها الثوار في الأحياء كحماية لهم ولصد هجوم تاتشرات أمن النظام ومليشياته وشرطته ..لطالما أغاظت النظام وجلاوزته نفسيا ..وكلنا شهدنا محاولاتهم لإزالتها وإطلاق البمبان والرصاص الحي على من يحرسونها من الثوار .
فالنظام يعتبر نفسه في حالة حرب مع الشعب الثائر ..والمتاريس بالنسبة له سلاح في يد الثوار العزل .
ولا يزال هاجس سلاح المتاريس يزعج النظام وجلاوزته نفسيا .
وما تحججهم بالحرص على مصالح الناس وانسياب الحركة إلا حجة يتحججون بها لحصار الثورة والثوار في بقعة محدودة، ولكي تتحول هذه البقعة المحدودة (محيط ميدان القيادة) من حالة (اعتصام)طوعي من قبل الثوار ..إلى حالة (حصار مفروض)..
وسيتم تكريس هذا الحصار بمحاولة صنع فجوات داخله..بحجة فتح مسارات السيارات والكباري .
وستتحول هذه البقعة المحاصرة إلى محيط ضيق ومزدحم ومحدود ليس بإمكانه استقبال المزيد من المعتصمين..
ومع الإزدحام وحرارة الجو ..والصيام..ربما تتقلص أعداد المعتصمين تدريجيا .
لذلك هم يخشون تمام الخشية من ترس الشوارع الأخرى خارج ميدان الاعتصام.. ويعتبرونها تمددا في محيط الاعتصام يتيح مضاعفة أعداد المعتصمين.. ويكسبهم مزيدا من الأراضي المحررة..نعم المحررة
فقيادات الجيش يعتبرون أنفسهم في حالة معركة.. وينظرون إلى تمدد الاعتصام بمنطق الأراضي المحررة .
فأنتم تفاوضون عسكر..يعني كوادر مدربون على التفاوض وعلى التكتيك الحربي ووضع الاستراتيجيات التي تمكنهم من كسب مساحات للمناورة، ولا شك بأنهم الآن عاكفون على التخطيط في غرفة عمليات لتحويل ثورتنا إلى مجرد ثورة مسخ وافراغها من مضمونها وتراجع مكاسبها.
وما المقالات الذي كتبها ناعقهم الخال الرئاسي الطيب مصطفى وبعض محسوبيه من الصحفيين ..محرضون الجيش على المعتصمين تارة..وتارة أخرى مداهنين لهم ومطالبين بالتعامل بحسم مع الثوار المعتصمين، خاصة مقال الخال الرئاسي بعنوان غاية في الغرابة ويثبت بأنهم يعتبرون أمر المتاريس هذا معركة وصراع إرادات..كتب الطيب مصطفى بعنوان : (هنيئا للمجلس العسكري إزالة المتاريس)..راجعوا مقاله هذا وتأملوا خصوصا هذه الفقرة..وتجاهلوا كلمة (ندندن المضحكة) :
(نحمد الله تعالى أن المجلس العسكري قد اقتنع اخيرا بما ظللنا ندندن حوله ، فإن تأتي متأخرا خير من الا تأتي ، ولقد سعدت وسعدت الجماهير ، والله العظيم ، من قرار المجلس بفتح الشوارع وازالة المتاريس وانهاء عبث شباب قوى الحرية والتغيير الذين ظلوا منذ نحو شهر يغلقون الشوارع الرئيسية والكباري بل وخطوط السكة حديد ويوقفون العربات ويفتشونها ويسائلون كبار ضباط القوات المسلحة ويطاردون ويسيئون الى من هم في اعمار آبائهم وامهاتهم من الرجال والنساء بعد ان منحتهم قوى الحرية والتغيير تلك السلطة التي ظلوا يمارسونها لابتزاز المجلس العسكري حتى يرضخ ويستكين لمطالبهم المستحيلة).
هل لاحظتم التحريض البائن خاصة الجزء الأخير من الفقرة وعبارات مثل (منحتهم سلطة) و(يرضخ ويستكين) و(مطالبهم المستحيلة) ؟!!!
فهذا الشخص لا يريد أن يصدق أن البلد في حالة ثورة ..وأن الشعب ثار خصيصا لاسترجاع زمام أمره وسلطته المختطفة والمسروقة منذ عقود ..
وأن الجيش لم يعد هو الحاكم المغتصب للسلطة بعد اليوم فيعطي ويمنح ويقرر ..فالقرار الحقيقي الآن في شعب ثائر بأكمله..
والسلطة الحقيقية وكذلك الدولة.. قد عادتا لصاحبهم الحقيقي ..
وعلى الجيش إذا أراد أن يكون فعلا يستحق مسماه الحقيقي (قوات الشعب المسلحة) أن يعترف ويقر بأن الشعب الآن قد إستعاد سلطته المختطفة ..وأن الشرعية الحقيقية في هذه الوضع الراهن هي للشعب والشعب فقط .
ولو شاء الشعب لترس البلد كلها من أقصاها إلى أقصاها ..أرضا وبحرا بل وجوا..ولحق له أن يفعل..فلسان حال ثورته الآن يقول :
على كيفي..على كيفي.
فهل تظنون أن دماء الشهداء التي مهرت هذه الثورة سالت عبثا ؟!!
الثورة المضادة..والمندسين:
أولا أعذروني فيما أود أن أقول في رواية المندسين الذين إتهمهم المجلس العسكري بأنهم السبب في المجازر الأخيرة ضد الثوار ..
ففي رأيي أن المجلس أثبت بمؤتمره الهزيل هذا والذي صب فيه جام اللوم على الضحايا ..أنه هو ذاته مجلس المندسين العسكري ..
وذلك نسبة للوقائع التالية :
أولا : المقالات التحريضية من صحافة (المندسين) أنفسهم .
ثانيا: الحشد الهاتف ناحية قاعة الصداقة والذي سبق المذبحة بيوم واحد بهتاف (ثوار أحرار.. لن يحكمنا أهل اليسار)..!!
ثالثا: المنشورات المريبة والمتوعدة للثوار التي ظهرت على وسائل التواصل لبعض منسوبي مليشيات الإسلاميين قبل ساعات فقط من مذبحة شارع النيل !!...وأشهرها تصريح الأمين السياسي لأمانة الشباب الإتحادية بالمؤتمر الوطني (النعمان عبد الحليم)..الذي كتب على حائطه في فيسبوك عبارة (سنذيقهم دما بدم)..!!
ثم يأتي المجلس العسكري أو مجلس المندسين العسكري في مؤتمره الصحفي ليحاول لوم الضحايا على ترسهم المتاريس خارج محيط القيادة.. وإلقاء ذنب قتلهم على ثلة مندسين مجهولين حتى اللحظة ..رغم سقوط عدد آخر من الشهداء اليفع ثاني يوم وبعضهم ضمن محيط القيادة !!
الأمر الذي يعد غريبا ومستغربا !!
كيف لا يعرف المجلس العسكري بكل إمكاناته التي نعرفها هوية هؤلاء المندسين حتى الآن ؟!!
وماهي مهمته إذن ؟!!
خاصة أن هؤلاء المندسين المزعومون يرتدون نفس زي الجيش ومليشيات الدعم السريع ..ويقودون نفس مركباتهم ..ويقتلون الشباب على مرأي من الجميع ؟!!
فلو كنت مكان المجلس العسكري.. ولو كنت فعلا إنحزت للثورة كما ادعيت، لخجلت من أن أصرح بجهلي وعدم كفاءتي المهنية ولاعتذرت اعتذارا واضحا للشهداء ولأسرهم. ولقدمت استقالتي فورا على الملأ .
فبأي وجه يبرر هذا المجلس لقتل الشباب وجلدهم بالسياط فقط لكونهم مددوا مساحة الاعتصام وترسوا مزيد من المتاريس ؟!!
لعمري هذا تبرير غريب ..ويشرعن لمزيد من سفك دماء الثوار في كل مكان بهذه الحجة غير المنطقية !!
ولكنها مجرد حجة أخرى ..
والمسألة محض..صراع إرادات يا سادتي
من يكسر إرادة من ..
ومن يخضع مرة..فسيجد نفسه يخضع مرات أخرى..
حتى يتفاجأ بأن زمام الأمور والمبادرة قد خطفت منه دون أن يدري...
16 May 2019
آمنة أحمد مختار أيرا
منذ استيلاء نظام إخوان الشؤم على الحكم في بلادنا..عانينا شتى صنوف العنف والاعتقالات والتعذيب والبطش والقتل لكسر إرادة الشعب ولتكريس حكمه الإرهابي.
ومع ذلك خاض الشعب ببطولة معركة التحرر الطويلة ولم يستسلم أو يهادن ..عبر المقاومة المسلحة في الأطراف والهوامش ..وكذلك عبر هبات المدن والقرى والتي سرعان ما تواجه بالبطش الشديد وإسالة الدماء .
وكذلك حشد النظام آلة عسكرية وأمنية رهيبة كرس لها معظم ميزانية الدولة، وصنع مختلف المليشيات الآيدلوجية والقبلية، وبعد أن كان الجيش قوات الشعب المسلحة..صار جيشا مدجنا تماما للنظام وأجندته القمعية الرهيبة ..وذلك عبر خطة محكمة لأدلجة الجيش كما شهدنا.
كما كان هدف جماعة الإسلاميين بالأساس أدلجة الشعب قسريا وكسر إرادته وتدجينه .
ولا يخفى على أي مواطن أن الإسلاميين عكفوا على وضع مختلف البرامج والدراسات النفسية والتكتيكية بهدف كسر إرادة الشعب وتدجينه تماما ..عبر ما يسمى بمشروعهم الإسلامي الحضاري..
الذي تصدى له الشعب وأفشله تماما .
فإرادة الشعوب لا تقهر ..فهما تطاول ليل القمع ففجر الحرية لا شك باذغ، وتستجمع الشعوب إرادتها يوما ما وتكسر قيودها وتنتزع حريتها انتزاعا .
ورغم بداهة هذه الحقيقة وتكررها عبر التاريخ، لن يتعلم الطغاة ويستسلموا بسهولة.. خاصة لو تطاول زمن استيلائهم على الحكم كما في الحالة السودانية.
فهنالك شتى التكتيكات والوسائل بجعبتهم لا زالت. فكلما أفشلت مقاومة وانتفاضة الشعب وسيلة ..لجأ طغاتنا إلى أخرى.
وهم حاليا همهم الوحيد وشاغلهم الشاغل الإلتفاف على الثورة بشتى الوسائل ..لإبطال منجزاتها ومكتسبات الجماهير التي إنتزعتها نضالا تلو نضال ..وتضحية تلي تضحية ..وتكتيكا يلي تكتيكا .
لذا سيداتي سادتي، فالمعركة الآن هي معركة إرادات..
والخصم الذي نواجهه ويواجهنا الآن هو الوجه العسكري للنظام، ووراءه كذلك وجههم الآخر المدني الذي تدرب على شتى تكتيكات إفشال الثورات والإلتفاف عليها..
فهم تدربوا على تغيير جلدهم عدة مرات كالأفاعي ..
فكلما نجحنا في خطوة وانتزعنا منهم مساحة في المعركة..ظهروا لنا بجلد أرقط آخر .
* معركة المتاريس المصطنعة :
تفجر الجدال حول المتاريس مؤخرا ..لسبب معين حسب تقديري .
فالأمر يتركز كله في معركة حرب الإرادات لاكتساب مزيد من مساحة المناورة في التفاوض ..وكذلك كسب المزيد من الوقت للمماطلة ..
وكذلك كحجة لتأليب القوات المعسكرة سواء كانت نظامية أو غير نظامية ضد الشباب الثائر .
وتحويل معركة الإرادت بينهم تدريجيا إلى معركة تكسير عظم ..في خطة جهنمية لفلت الأوضاع تماما وتحويلها إلى حرب بقاء شاملة .
لذلك ما اللغط المثار الآن حول(المتاريس)..إلا وسيلة أخرى في جعبتهم يستخدمونها في معركة الإرادة ..وكل ما صدقهم وأطاعهم قيادات قوى الحرية والتغيير في حججهم حول المتاريس ..كلما فكروا في وسيلة أخرى لإعاقة الوصول لإتفاق حول الحكومة الانتقالية ما لم يكن بشروطهم وشروط المحاور التي يدورون في فلكها..خاصة وأن حرب اليمن الآن تهدد بالانتقال إلى العمق السعودي ..
وما تعليقهم للإتفاق إلى حين إزالة المتاريس خارج محيط اعتصام القيادة وتسويق هذا الأمر حتى صار عذرا مقبولا بين لدى العديدين إلى مجرد حجة للمماطلة ..وكذلك تكريس فرض إرادتهم على الثوار وقياداتهم .
وهذه الخطوة(الخطة) ستتبعها خطوات بالطبع، فهؤلاء لطالما أثبتوا لنا طوال ثلاثة عقود من الزمان ان جعبتهم لا تخلو أبدا من الحيل..
فما بالكم والآن تدعمهم وتعمل معهم مخابرات دول المحاور ..وتخطط معهم لتثبيت مصالحها والالتفاف على الثورة في (غرف عمليات طارئة) بلا شك؟
المتاريس: كعامل نفسي
أعتقد أن( نقة) المجلس العسكري حول المتاريس منذ بداية التفاوض مع قوى الحرية والتغيير.. وطلبهم فتح مسار القطار بحجة حرصهم على إرسال المؤن للمواطنين في كردفان ودارفور ..رغم علمهم سلفا باتفاق مسبق بين قوى الحرية والتغيير وإدارة السكة حديد بالسماح بحركة مرور القطارات..
وكذلك طلبهم بفتح الطرق لتسهيل حركة مرور السيارات ..ومرة بحجة نظافة محيط القيادة.
لم يكن نابعا من حرصهم على مصلحة المواطن بقدر ما كان وسيلة من وسائلهم ومحاولاتهم لفض الاعتصام، وكذلك لأن المتاريس منذ أن استخدمها الثوار في الأحياء كحماية لهم ولصد هجوم تاتشرات أمن النظام ومليشياته وشرطته ..لطالما أغاظت النظام وجلاوزته نفسيا ..وكلنا شهدنا محاولاتهم لإزالتها وإطلاق البمبان والرصاص الحي على من يحرسونها من الثوار .
فالنظام يعتبر نفسه في حالة حرب مع الشعب الثائر ..والمتاريس بالنسبة له سلاح في يد الثوار العزل .
ولا يزال هاجس سلاح المتاريس يزعج النظام وجلاوزته نفسيا .
وما تحججهم بالحرص على مصالح الناس وانسياب الحركة إلا حجة يتحججون بها لحصار الثورة والثوار في بقعة محدودة، ولكي تتحول هذه البقعة المحدودة (محيط ميدان القيادة) من حالة (اعتصام)طوعي من قبل الثوار ..إلى حالة (حصار مفروض)..
وسيتم تكريس هذا الحصار بمحاولة صنع فجوات داخله..بحجة فتح مسارات السيارات والكباري .
وستتحول هذه البقعة المحاصرة إلى محيط ضيق ومزدحم ومحدود ليس بإمكانه استقبال المزيد من المعتصمين..
ومع الإزدحام وحرارة الجو ..والصيام..ربما تتقلص أعداد المعتصمين تدريجيا .
لذلك هم يخشون تمام الخشية من ترس الشوارع الأخرى خارج ميدان الاعتصام.. ويعتبرونها تمددا في محيط الاعتصام يتيح مضاعفة أعداد المعتصمين.. ويكسبهم مزيدا من الأراضي المحررة..نعم المحررة
فقيادات الجيش يعتبرون أنفسهم في حالة معركة.. وينظرون إلى تمدد الاعتصام بمنطق الأراضي المحررة .
فأنتم تفاوضون عسكر..يعني كوادر مدربون على التفاوض وعلى التكتيك الحربي ووضع الاستراتيجيات التي تمكنهم من كسب مساحات للمناورة، ولا شك بأنهم الآن عاكفون على التخطيط في غرفة عمليات لتحويل ثورتنا إلى مجرد ثورة مسخ وافراغها من مضمونها وتراجع مكاسبها.
وما المقالات الذي كتبها ناعقهم الخال الرئاسي الطيب مصطفى وبعض محسوبيه من الصحفيين ..محرضون الجيش على المعتصمين تارة..وتارة أخرى مداهنين لهم ومطالبين بالتعامل بحسم مع الثوار المعتصمين، خاصة مقال الخال الرئاسي بعنوان غاية في الغرابة ويثبت بأنهم يعتبرون أمر المتاريس هذا معركة وصراع إرادات..كتب الطيب مصطفى بعنوان : (هنيئا للمجلس العسكري إزالة المتاريس)..راجعوا مقاله هذا وتأملوا خصوصا هذه الفقرة..وتجاهلوا كلمة (ندندن المضحكة) :
(نحمد الله تعالى أن المجلس العسكري قد اقتنع اخيرا بما ظللنا ندندن حوله ، فإن تأتي متأخرا خير من الا تأتي ، ولقد سعدت وسعدت الجماهير ، والله العظيم ، من قرار المجلس بفتح الشوارع وازالة المتاريس وانهاء عبث شباب قوى الحرية والتغيير الذين ظلوا منذ نحو شهر يغلقون الشوارع الرئيسية والكباري بل وخطوط السكة حديد ويوقفون العربات ويفتشونها ويسائلون كبار ضباط القوات المسلحة ويطاردون ويسيئون الى من هم في اعمار آبائهم وامهاتهم من الرجال والنساء بعد ان منحتهم قوى الحرية والتغيير تلك السلطة التي ظلوا يمارسونها لابتزاز المجلس العسكري حتى يرضخ ويستكين لمطالبهم المستحيلة).
هل لاحظتم التحريض البائن خاصة الجزء الأخير من الفقرة وعبارات مثل (منحتهم سلطة) و(يرضخ ويستكين) و(مطالبهم المستحيلة) ؟!!!
فهذا الشخص لا يريد أن يصدق أن البلد في حالة ثورة ..وأن الشعب ثار خصيصا لاسترجاع زمام أمره وسلطته المختطفة والمسروقة منذ عقود ..
وأن الجيش لم يعد هو الحاكم المغتصب للسلطة بعد اليوم فيعطي ويمنح ويقرر ..فالقرار الحقيقي الآن في شعب ثائر بأكمله..
والسلطة الحقيقية وكذلك الدولة.. قد عادتا لصاحبهم الحقيقي ..
وعلى الجيش إذا أراد أن يكون فعلا يستحق مسماه الحقيقي (قوات الشعب المسلحة) أن يعترف ويقر بأن الشعب الآن قد إستعاد سلطته المختطفة ..وأن الشرعية الحقيقية في هذه الوضع الراهن هي للشعب والشعب فقط .
ولو شاء الشعب لترس البلد كلها من أقصاها إلى أقصاها ..أرضا وبحرا بل وجوا..ولحق له أن يفعل..فلسان حال ثورته الآن يقول :
على كيفي..على كيفي.
فهل تظنون أن دماء الشهداء التي مهرت هذه الثورة سالت عبثا ؟!!
الثورة المضادة..والمندسين:
أولا أعذروني فيما أود أن أقول في رواية المندسين الذين إتهمهم المجلس العسكري بأنهم السبب في المجازر الأخيرة ضد الثوار ..
ففي رأيي أن المجلس أثبت بمؤتمره الهزيل هذا والذي صب فيه جام اللوم على الضحايا ..أنه هو ذاته مجلس المندسين العسكري ..
وذلك نسبة للوقائع التالية :
أولا : المقالات التحريضية من صحافة (المندسين) أنفسهم .
ثانيا: الحشد الهاتف ناحية قاعة الصداقة والذي سبق المذبحة بيوم واحد بهتاف (ثوار أحرار.. لن يحكمنا أهل اليسار)..!!
ثالثا: المنشورات المريبة والمتوعدة للثوار التي ظهرت على وسائل التواصل لبعض منسوبي مليشيات الإسلاميين قبل ساعات فقط من مذبحة شارع النيل !!...وأشهرها تصريح الأمين السياسي لأمانة الشباب الإتحادية بالمؤتمر الوطني (النعمان عبد الحليم)..الذي كتب على حائطه في فيسبوك عبارة (سنذيقهم دما بدم)..!!
ثم يأتي المجلس العسكري أو مجلس المندسين العسكري في مؤتمره الصحفي ليحاول لوم الضحايا على ترسهم المتاريس خارج محيط القيادة.. وإلقاء ذنب قتلهم على ثلة مندسين مجهولين حتى اللحظة ..رغم سقوط عدد آخر من الشهداء اليفع ثاني يوم وبعضهم ضمن محيط القيادة !!
الأمر الذي يعد غريبا ومستغربا !!
كيف لا يعرف المجلس العسكري بكل إمكاناته التي نعرفها هوية هؤلاء المندسين حتى الآن ؟!!
وماهي مهمته إذن ؟!!
خاصة أن هؤلاء المندسين المزعومون يرتدون نفس زي الجيش ومليشيات الدعم السريع ..ويقودون نفس مركباتهم ..ويقتلون الشباب على مرأي من الجميع ؟!!
فلو كنت مكان المجلس العسكري.. ولو كنت فعلا إنحزت للثورة كما ادعيت، لخجلت من أن أصرح بجهلي وعدم كفاءتي المهنية ولاعتذرت اعتذارا واضحا للشهداء ولأسرهم. ولقدمت استقالتي فورا على الملأ .
فبأي وجه يبرر هذا المجلس لقتل الشباب وجلدهم بالسياط فقط لكونهم مددوا مساحة الاعتصام وترسوا مزيد من المتاريس ؟!!
لعمري هذا تبرير غريب ..ويشرعن لمزيد من سفك دماء الثوار في كل مكان بهذه الحجة غير المنطقية !!
ولكنها مجرد حجة أخرى ..
والمسألة محض..صراع إرادات يا سادتي
من يكسر إرادة من ..
ومن يخضع مرة..فسيجد نفسه يخضع مرات أخرى..
حتى يتفاجأ بأن زمام الأمور والمبادرة قد خطفت منه دون أن يدري...
16 May 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق